إنّ « التوحيد الافعالي » لا يعني إنكار
العلل الطبيعية أو إنكار مشاركتها في التأثير وفي حدوث معلولاتها ، بل يعني مع
الاعتراف بأنّ للعلل تمام المشاركة في ظهور الآثار ، وأنّ هذه الآثار هي من خواص
هذه العلل.
أقول
: يعني مع الاعتراف بهذا ، الاعتراف
بأنّه لا مؤثر حقيقي في صفحة الوجود إلاّ « الله » وأنّ تأثير ما سواه من المؤثرات
إنّما هو في ظل قدرة الله ، ذلك المؤثر الحقيقي الأصيل ، وأنّ هذه العلل ما هي
إلاّ وسائط للفيض الإلهي.
فمنه تعالى تكتسب « الشمس » القدرة على
الإشراق والإضاءة كما استمدت منه أصل وجودها.
ومنه تعالى تكتسب « النار » خاصية
الإحراق والحرارة كما استمدت منه أصل وجودها ، وأنّه تعالى هو الذي منح هذه العلل
والأسباب هذه الخواص ، وأعطاها هذه الآثار كمامنحها : وجودها أساساً وأصلاً.
وبتعبير آخر نقول : إنّ التوحيد
الأفعالي يعني أنّه لا مؤثر بالذات ـ في هذا الوجود ـ إلاّ « الله » ، فهو وحده
الذي لا يحتاج إلى معونة أحد أو شيء في الإيجاد والتأثير والإبداع والابتكار.
وأمّا تأثير ما عداه « من العلل » ،
فجميعه يكون بالاعتماد على قدرته وقوته سبحانه.
بهذا البيان يتضح الفرق بين مدرستين في
هذا المجال :
مدرسة الأشاعرة القائلين بعدم دخالة
العلل في الآثار مطلقاً.