اسم الکتاب : مجاز القرآن خصائصه الفنيّة وبلاغته العربيّة المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 70
والحق أن المجاز واقع في القرآن
باعتباره عنصرا أساسيا من عناصر بلاغته الإعجازية ، كما سنشاهد هذا فيما بعد ، عند
التطبيق المجازي على عبارات القرآن الحكيم.
٣ ـ تقسيم المجاز القرآني
لم يكن المجاز القرآني بمنأى عن الإطار
العام لتقسيم المجاز في البيان العربي ، شأنه بذلك شأن الأركان البلاغية الاخرى
التي يقوم على أساسها الفن القولي ، فقد استقطب القرآن الكريم شتى صنوفها ومختلف
تقسيماتها ، وحفلت سوره وآياته بأبرز ملامحها وأصدق مظاهرها ، حتى عاد تقسيمها
خاضعا لأحكام القرآن البلاغية ، ولم يكن القرآن خاضعا لتلك التقسيمات في حال من
الأحوال ، لأنها مستمدة من هديه ، وسائرة بركاب مسيرته البيانية المعجزة ، وهكذا
بالنسبة للمجاز فهو عند البلاغيين نوعان ، لأنه في القرآن نوعان : مجاز لغوي ومجاز
عقلي ، بغض النظر عن التفريعات الأخرى التي لا تتعدى حدود التقسيم العام ، أو هي
جزئيات تابعة لكلي المجاز باعتباره عقليا أو لغويا.
هناك بعض الإضافات والمسميات عند
القدامى تجاوزت هذا التحديد في نهجه البلاغي ، نعرض إليه ونردّه الى أصوله :
هناك مجاز الحذف عند سيبويه ( ت : ١٨٠
هـ ) وعند الفراء ( ت : ٢٠٧ هـ ) اورداه على سبيل الاتساع في الكلام كأخذ المضاف
اليه إعراب المضاف[١].
وقد مثلوا له بقوله تعالى : ( وسئل
القرية )[٢]. وقد أضاف عز الدين إبن عبد السلام ( ت
: ٦٦٠ هـ ) نوعين للمجاز سمّى الأول مجاز التشبيه ، وهو التشبيه المحذوف الأداة ، وأوضح
رأيه هذا بقوله :
« العرب إذا شبهوا جرما بجرم ، أو معنى
بمعنى ، أو معنى بجرم ، فإن أتوا بأداة التشبيه كان ذلك تشبيها حقيقيا ، وإن
أسقطوا أداة التشبيه كان
[١] ظ : سيبويه ، الكتاب : ١/٢١٢.
الفراء ، معاني القرآن ١/٣٦٣.