اسم الکتاب : مجاز القرآن خصائصه الفنيّة وبلاغته العربيّة المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 69
الطعن على القرآن في
هذه القضية ، وناقشها مناقشة أدبية ونقدية بارعة ، مؤيدا ذلك بموافقات اللسان
العربي ، ومستدلا على ما يراه بسنن القول عند العرب في سائر الاستعمالات حتى
الساذجة البسيطة منها.
يقول ابن قتيبة : « وأما الطاعنون على
القرآن بالمجاز ، فإنهم زعموا أنه كذب ، لأن الجدار لا يريد ، والقرية لا تسأل ، وهذا
من أشنع جهالاتهم ، وأدلها على سوء نظرهم ، وقلة إفهامهم ، ولو كان المجاز كذبا ، وكل
فعل ينسب الى غير الحيوان باطلا ، كان أغلب كلامنا فاسدا ، لأنا نقول : نبت البقل
، طالت الشجرة ، أينعت الثمرة ، أقام الجبل ، رخص السعر »[١].
وقد أيد هذا المنحى عبد القاهر الجرجاني
( ت : ٤٧١ هـ ) بقوله : « وأنت ترى في نص القرآن ما جرى فيه اللفظ على إضافة
الهلاك الى الريح مع استحالة أن تكون فاعلة ، وذلك قوله عزّ وجلّ : ( مثل ما
ينفقون في هذه الحياة الدّنيا كمثل ريح فيها صرّ أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم
فأهلكته )[٢] وأمثال ذلك كثير »[٣].
وقد أفرد المجاز بالتصنيف من الشافعية
الشيخ عز الدين بن عبد السلام ( ت : ٦٦٠ هـ ) في كتابه « الإشارة الى الإيجاز في
بعض أنواع المجاز »[٤].
وهناك كتاب قديم ذكره ابن النديم في
الفهرست يخص هذا الجزء من البحث اسمه ( الرد على من نفى المجاز من القرآن ) للحسن
بن جعفر[٥].
ولم أعثر فيما لدي من فهارس المخطوطات على إشارة الى مكان وجوده في مكتبات العالم
، ولعله فقد فيما فقد من عيون التراث ، ويبدوا أنه قد ألف لغرض إثبات وقوع المجاز
في القرآن ردا على من نفى ذلك عنه ، كما هو واضح من العنوان.