اسم الکتاب : مجاز القرآن خصائصه الفنيّة وبلاغته العربيّة المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 125
ضوئه ، والإسناد
يعرف بطرفيه ، وهذان الطرفان في المجاز العقلي في القرآن لهما صيغ مختلفة تحدد بما
يأتي :
أ ـ الطرفان حقيقيان : ولا علاقة لهما
بالمجاز منفردين إلا بضم بعضهما الى البعض الآخر كقوله تعالى : (وأخرجت الأرض أثقالها (٢))[١].
فإن الإخراج حقيقي ، والأرض حقيقة ، ولا
مجاز بهما وحدهما ، ولكن المجاز العقلي مستنبط من أقترانهما ، وبإسناد الإخراج الى
الأرض ، لأن المخرج حقيقة هو الله تعالى ، وليس للأرض قابلية الإخراج ، فلا إرادة
لها ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، فلما أسند لها الإخراج علمنا ضرورة بمجازية
الأستعمال إسنادا بحكم العقل.
ب ـ الطرفان مجازيان : نحو قوله تعالى :
( فما ربحت تجارتهم
... )[٢].
فالربح هنا مجازي ، ولا يراد به الزيادة
على رأس المال في بيع البضائع ، والتجارة هنا مجازية ، فلا يراد بها المعاملات
السوقية ، وإنما المراد بالربح تحقيق المعنى المجازي منه بالفائدة وعدم خسران
الأعمار ، والمراد بالتجارة المعنى المجازي منها بالإنابة وصالح الأعمل.
ونظير هذا المجاز العقلي في طرفيه
المجازيين كثير في القرآن الكريم ، ومن أبرز مظاهره في مثالين بآية واحدة قوله
تعالى : ( أُولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت
تجارتهم وما كانوا مهتدين(١٦))[٣].
فالشراء هنا مجازي ، ولا يراد به إجراء
العقد في إنجاز صفقات البيع ، والضلالة وإن كانت حقيقة ، إلا أنها ليس مما يشترى
بالهدى ، ولا مما يباع به ، وكلا الإسنادين مجازي ، وبقية الآية تقدم فيها الكلام.
وكذلك قوله تعالى : ( بئسما
اشتروا به أنفسهم ... )[٤].
ج ـ الطرفان مختلفان كقوله تعالى : ( تؤتي
أُكلها كلّ حين )[٥].