وقد أفرد الغزالي كتاباً خاصّاً لنقض أفكارهم
والتشهير بهم سماه فضائح الباطنية ، يقول في بعض فقراته :
ولمّا عجزوا عن صرف الخلقِ عن القرآن
والسنة صرفوهم عن المراد بهما إلى مخاريق زخرفوها ، واستفادوا إبطال معاني الشرع
، وكلّ ماورد من الظواهر في التكاليف والحشر والنشر والأُمور الإلهية ، فكلها أمثلة
ورموزٌ إلى بواطن [٢].
وذكر بعضاً من نماذجهم التفسيرية منها :
الزنى هو القاء نطفة العلم
الباطن في نفس مَنْ لم يسبق معه عقد العهد.
والاحتلام : هو أن يسبق لسانه إلى إفشاء
السر في غير محله ، فعليه الغسل ، أي تجديد المعاهدة.
ومثل هذا التفسير لم يجد رواجاً واسعاً
، خاصة وأنّه يخالف النصوص القرآنية مخالفةً صريحة ، كما ولم يدعمه أصحابه بما
يوثقه من أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله
، أو أحاديث الأئمة من أهل البيت باعتبارهم من القائلين بإمامة علي والحسنين وعلي
بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق عليهمالسلام.
٥. المنحى الصوفي : وأصحاب هذا المذهب
من المتصوفة الذين عرفوا بالاتجاه الروحي ، والذين يغلب عليهم طابع الزهد والتقشّف
، وقد حاول هؤلاء اخضاع القرآن الكريم إلى مايعتقدونه ، شأنهم بذلك شأن غيرهم من أصحاب
المذاهب المختلفة ، وقدجاء تفسيرهم لآيات القرآن الكريم متميزاً بالرمزيّة واستعمال
الإشارة في التعبير ، وهم في ذلك يلتقون مع الباطنية في بعض المواقف التفسيرية إزاء
النصوص ، وهم في منحاهم هذا
[١] نفس المصدر ، ص
١٨١ ، مناهل العرفان
للزرقاني ، ج ٢ ، ص ٧٤ والآية : الحديد ( ٥٧ ) ١٣.