ومن تعلق من المجبرة بقوله (قُلِ
الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)[٢] على ان افعال العباد مخلوقةٌ للّه فقد ابعد ، لان المراد
بذلك ماقدمناه من انه تعالى خالق كل شيء يستحق بخلقه العبادة دون مالايستحق به
ذلك ، ولوكان المراد ماقالوه لكان فيه حجّةٌ للخلق على الله تعالى وبطل التوبيخ
الذي تضمنته الآية إلى من وجه عبادته الاصنام ، لانه اذا كان الخالق لعبادتهم
الاصنام هو الله على قول المجبرة فلا توبيخ يتوجه على الكفار ، ولا لوم يلحقهم ،
بل لهم ان يقولوا : انك خلقت فينا ذلك فما ذنبنا فيه ، ولم توبخنا على فعلٍ
فعلته؟فتبطل حينئذ فائدة الآية [٣].
وهذا المعنى كان قد اكده الشيخ المفيد
وهو استاذ مفسرنا حين قال :
« الصحيح عن ال محمد صلىاللهعليهوآله : ان افعال العباد غير مخلوقة للّه ».
من هنا نجد الشيخ الطوسي حين يفسر قوله
تعالى : (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)[٤]
يقول :
ثم نبههم فقال : واللّه تعالى هذا
الذي خلقكم وخلق الذي تعملون فيه من الاصنام ، لانها اجسام ، واللّه تعالى هو
المحدث لها ، وليس للمجبرة ان تتعلق بقوله (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ
وَمَا تَعْمَلُونَ ) فنقول : ذلك يدل على ان الله خالق لافعالنا ، لامور :
احدها : ان موضوع كلام إبراهيم لهم
بني على التقريع لهم لعبادتهم الاصنام ، ولوكان من فعله تعالى لماتوجه عليهم
العيب ، بل كان لهم ان يقولوا :
لم توبخنا على عبادتنا للاصنام واللّه
الفاعل لذلك فكانت الحجة لهم لا عليهم.
الثاني : انه قال لهم (أَتَعْبُدُونَ
مَا تَنْحِتُونَ) ونحن نعلم انهم لم يكونوا يعبدون نحتهم الذي