وفي الآية دليلٌ على
ان القرآن غير الله ، وان الله هو المحدث له والقادر عليه ، لان ماكان بعضه خيراً
من بعض او شراً من بعض فهو غير الله لامحالة ، وفيها دليل ان الله قادرٌ عليه
وماكان داخلاً تحت القدرة فهو فعلٌ والفعلُ لايكون الا محدثاً ، ولانه لوكان
قديماً لما صح وجود النسخ فيه ٣.
وظل الشيخ الطوسي متبنياً لراي
الإماميّة في مسالة خلق القرآن ، ويستثمر لذلك الراي والدفاع عنه كل مناسبة يمكنه
الحديث من خلالها حول هذا الموضوع ، ولذلك نراه عندما يفسر قوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنَاهُ
قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[٤]
يقول :
وفيه دلالةٌ على حدوثه ، لان المجعول
هو المحدث ، ولان مايكون عربيّاً لايكون قديما لحدوث العربية ، فان قيل : معنى
جعلناه سميناه ، لان الجعل قد يكون بمعنى التسمية ، قلنا : لايجوز ذلك ـ هاهنا ـ
لانه لوكان كذلك لكان الواحد منا اذا سماه عربياً فقد جعله عربياً ، وكان يجب
لوكان القرآن على ما هو عليه ، وسمّاه اعجمياً لن يكون اعجميا ، اوكان يكون بلغة
العجم وسماه عربياً لن يكون عربياً ، وكل ذلك فاسد [٥].