مقدمة للكون في المكان المباح , وليس منهياً عنه , لا فعلا , ولا سابقاً على الدخول. وهو المنسوب إلى فقهائنا ( رض ). وقيل : بأنه واجب وحرام فعلا. وهو المنسوب إلى أبي هاشم. وقيل : بأنه واجب وليس بحرام فعلا , ولكنه كان حراماً قبل الدخول. وهو المنسوب إلى الرازي.
والتحقيق : أنه ليس بواجب , لا نفسياً ـ كما هو ظاهر ـ ولا غيرياً لعدم كونه مقدمة لواجب. وكونه مقدمة للكون في المكان المباح ـ لو سلم ـ لا يقتضي وجوبه غيرياً , لعدم وجوب الكون في المكان المباح , بل ليس الثابت في الشريعة المقدسة إلا حرمة الكون في المكان المغصوب. نعم لا بأس بدعوى وجوبه عقلا , فراراً عن الغصب في الزمان الزائد على زمان الخروج من باب وجوب ارتكاب أقل القبيحين.
فان قلت : الفرار عن الغصب في الزمان الزائد واجب , فاذا توقف الفرار على الخروج كان واجباً أيضاً. وهذا معنى ما اشتهر : من وجوبه مقدمة للتخلص عن الغصب. قلت : الفرار عن الغصب وإن كان واجباً , إلا أن الخروج ليس مقدمة له , بل هو ملازم له , لأنه أقل القبيحين , الملازم لعدم أكثرهما.
كما أن التحقيق أنه ليس بحرام فعلا , لخروجه عن الاختيار المانع من التكليف به. وإنما الإشكال في أنه كان حراماً سابقاً , فيقع على وجه المبغوضية , فيكون مبعداً , وموجباً للعقاب ـ وهو المعبر عنه بحكم المعصية ـ أولا. وجهان , ناشئان من كونه اختيارياً ـ ولو في الزمان السابق ـ أولا فعلى الأول يكون مبعداً وموجباً للعقوبة , لأنه مخالفة للنهي عنه , ولو سابقاً. وعلى الثاني لا يكون كذلك.
واختار بعض الأعيان الثاني , مدعياً أن للخروج عدمين : عدم في
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى- ط بیروت المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 8 صفحة : 271