بعين ما يتقرب به الحاضر في الركعتين الأولتين , فيأتيان بفعل واحد , ممتثلين أمراً واحداً. غير أن الحاضر يقصد امتثال ذلك الأمر في ضمن امتثاله للأمر المنبسط على الركعات الأربع , والمسافر يقصد امتثال الأمر المتعلق بالركعتين مستقلا بلا ضم امتثال الآخر اليه , بل يقصد امتثال الأمر بهما بقيد عدم زيادة عليهما. وهذا المقدار من الاختلاف لا يوجب فرقاً بينهما في أصل التقرب المعتبر في العبادة بالإضافة إلى الركعتين , وإنما هو اختلاف في الخصوصية. فإن كانت الخصوصية ملحوظة في التقرب على نحو التقييد كان فواتها موجباً لفوات التقرب. وإن كانت ملحوظة فيه على نحو الداعي , لم يكن فواتها موجباً لفوات التقرب , كما في سائر موارد الاشتباه في التطبيق.
ودعوى : أن العناوين ـ التي تقصد من باب الاشتباه في التطبيق ولا يقدح تخلفها ـ هي التي لا تؤخذ في موضوع الأمر , أما ما كان كذلك فتخلفه يوجب فوات المقصود الواجب قصده , لاعتبار قصد المأمور به في حصول التقرب. مندفعة : بأن قصد المأمور به بقيوده إنما يعتبر في حصول التقرب بالمعنى الأعم من الإجمالي والتفصيلي , فيمكن قصد قيود المأمور به على ما هي عليه إجمالا , وقصد غيرها تفصيلاً خطأ. ولا تنافي بين القصدين لاختلافهما بالإجمال والتفصيل.
على أنك عرفت في مباحث النية عدم وضوح الدليل على اعتبار قصد المأمور به في تحقق العبادة , وإن كان هو المشهور , بل المحتمل اعتبار قصد الأمر , لا غير. نعم ربما كان قصد المأمور به دخيلاً في كون الانبعاث عن الأمر , وربما لا يكون. فراجع.
[١] لحصول الزيادة.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى- ط بیروت المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 8 صفحة : 169