لما ذكر في المتن من أنه من قبيل من باع شيئاً ثمَّ ملكه. نعم بناء على أن المنافع المتضادة مملوكة لمالك العين , وأن بطلان الإجارة الثانية من جهة أنها منافية لحق المستأجر الأول فإذا أجاز صحت , وتكون الأجرة الثانية للمالك , لأنها عوض منفعته , كما أن الأجرة الأولى له أيضاً.
والمتحصل : ان الإجارة الثانية : تارة : تكون بلحاظ منفعة الإجارة الأولى , وأخرى : تكون بلحاظ غيرها. فعلى الأول : تصح الإجارة الثانية بإجازة المستأجر الأول , وتكون الأجرة له , وإذا لم يجز بطلت. وعلى الثاني : تبطل الإجارة الثانية مطلقاً , لأنها بلحاظ منفعة غير مملوكة , إذا قلنا بأن المنافع المتضادة غير مملوكة , وتصح بإجازة المستأجر إن قلنا إنها مملوكة , وتكون الأجرة في الاجارتين معاً ملك المؤجر المالك للعين , لكون المنفعتين المعوضتين ملكاً له. وإذا ردها المستأجر بطلت , لمنافاتها لحقه :
[١] هذا إشارة الى أن قوام المعاوضة التي يتضمنها عقد الإجارة وغيره من عقود المعاوضات دخول العوض في ملك من خرج عن ملكه المعوض , وأن اعتبار العوضية إنما يصح بلحاظ ذلك. ولو كان العوض يدخل في ملك غير من خرج عن ملكه المعوض لم يكن عوضا عنه , ولم يكن المعوض عنه معوضاً. والظاهر أن هذا مما لا إشكال فيه. وإنما الإشكال في لزوم ذلك من الطرفين. يعني : يجب أن يدخل المعوض عنه في ملك من خرج من ملكه العوض , كما لزم أن يدخل العوض في ملك من خرج عن ملكه المعوض عنه , أو لا يجب ذلك؟ فاذا قال زيد لعمرو : خذ هذا الدرهم واشتر لك به ثوبا , لم يصح حتى يتملك عمرو الدرهم , فاذا لم يتملكه وبقي على ملك زيد , فاشترى به ثوباً لنفسه لم يصح الشراء
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى- ط بیروت المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 12 صفحة : 213