استحقاق العقاب في نظر العقل , ويمتنع الردع عنه في نظر العالم , وان كان مخالفاً للواقع في نظر الرادع , فالردع عن العمل بعلم الوسواسي بالنسبة إلى عمل نفسه لا بد أن يكون من جهة طروء عنوان يستوجب تبدل الواقع عن حكمه إلى حكم آخر , فيكون الواقع موضوعا للحكم إلا في حال الوسواس , فيكون له حكم آخر , نظير العناوين المأخوذة موضوعات للأحكام الثانوية. فشرب النجس ـ مثلا ـ في نفسه حرام , لكن كما أنه إذا اضطر اليه يجب , كذلك إذا كان المكلف وسواسيا , فإنه يجب عليه أن يشرب النجس , وان علم أنه نجس. وأما بالنسبة إلى عمل غيره فمرجع عدم اعتبار علمه الى عدم اعتبار شهادته , فاذا شهد بالنجاسة ـ مثلا ـ لم تكن شهادته حجة. والعمدة في الأول ـ مضافا الى ظهور الإجماع ـ ما ورد من النصوص المتضمنة لقولهم (ع) : « لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة » وهي مذكورة في حكم كثير الشك من مباحث الخلل [١] وفي صحيح ابن سنان : « ذكرت لأبي عبد الله (ع) : رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة , وقلت : هو رجل عاقل. فقال أبو عبد الله (ع) : وأي عقل له وهو يطيع الشيطان؟! فقلت له : وكيف يطيع الشيطان؟! فقال (ع) : سله هذا الذي يأتيه من أي شيء هو؟ فإنه يقول لك : من عمل الشيطان » [٢] والوجه في الثاني انصراف دليل حجية الشهادة عن مثل ذلك.
[١] يعني : في كونه طريقاً عند العقلاء لإثبات متعلقه , بنحو تكون مخالفته معصية موجبة لاستحقاق العقاب عندهم , والترخيص فيها ترخيصاً في المخالفة للواقع المنجز فيمتنع للزوم التناقض , ونقض الغرض. بل الظاهر
[١] راجع الوسائل باب : ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
[٢] الوسائل باب : ١٠ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى- ط بیروت المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 450