اسم الکتاب : رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل المؤلف : الطباطبائي، السيد علي الجزء : 9 صفحة : 169
وبالإجماعين يخصّص
ما دلّ على لزوم الوفاء بالعقود والشروط كتاباً وسنّة [1].
وربما يزاد عليهما
بدلالة الكتاب والسنة المتواترة على استحباب القرض والمداينة [2] ولا يتعلّق بخصوص
إجراء الصيغة ، بل بمدلولها وهو تأخير المطالبة للعين المستقرضة إلى مدّة قضاء
الوطر منها ، كما مرّت إليه الإشارة ، واستحباب التأخير هو عين معنى الجواز.
وفيه نظر ، أوّلاً
: بمنع تعلّق الاستحباب بخصوص المدلول ، بل بسببه الذي هو إجراء الصيغة وإن كان
الوجه في تعلّقه به هو رجحان العمل بمسبّبه ، فيرجع حاصل الأدلّة إلى استحباب
الإقدام إلى القرض وإيجاب سببه ، ولا ينافيه وجوب المسبّب بعده ، وإن هو إلاّ
كالتجارة ، فقد تظافرت الأدلّة باستحبابها مع وجوب العمل بمقتضيات أسبابها ، كصيغ
البيوع ونحوها ، وككثير من العبادات المستحبة الواجبة بالشروع فيها.
وبالجملة استحباب
الشيء ابتداءً غير وجوبه استدامةً ، فاستحباب الإقراض ابتداءً لا ينافي وجوب
العمل بمقتضى عقده بعد إيجاده.
وثانياً : بأنّ
ذلك بعد تسليمه إنّما يتوجّه بالنظر إلى نفس العقد ، وأنّه بمجرّده لا يقتضي وجوب
التأخير ، بل غايته الاستحباب ، كما يستفاد من أدلّة استحبابه ، ولا كلام فيه ،
لما مرّ من الإجماع على جواز العقد المستلزم لعدم وجوب التأخير ، ولكنّه لا ينافي
لزومه بسبب آخر غير نفس العقد المجرّد ، وهو العقد المركّب من الشرط ، لعموم ما
دلّ على لزوم الوفاء بالعقود ، مضافاً إلى ما دلّ على لزوم الوفاء بالشروط.