اسم الکتاب : نظريّة عدالة الصّحابة والمرجعيّة السياسيّة في الإسلام المؤلف : احمد حسين يعقوب الجزء : 1 صفحة : 182
ولكن مثل النبي لا ينحني أمام العاصفة ،
ولا يقعده شيء عن متابعة إحساسه العميق بالرأفة والرحمة لهذه الأمة ، وبالرغم من
كمال الدين وتمام النعمة الإلهية والبيان الإلهي الشامل لكل شيء تحتاجه الأمة بما
فيه كيف يتبول وكيف يتغوط أفرادها ، إلا أنه أراد أن يلخّص الموقف لأمته حتى تهتدي
وحتى لا تضلّ ، وحتى تخرج بسلام من المفاجآت التي تتربص بها وتنتظر موت النبي
لتفتح أشداقها فتعكر صفو الإسلام وتعيق حركته وتغير مساره.
المواجهة الصاخبة
النبي على فراش المرض ، وبيته المبارك
يغص بأكابر الصحابة ، وقد أصرّ النبي على تلخيص الموقف والتذكير بالخط المستقبلي
لمسيرة الإسلام فقال النبي ( قربوا اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً ) ما هو
الخطأ بهذا العرض النبوي؟ من يرفض التأمين ضد الضلالة؟ ولماذا؟ ولمصلحة من؟ ثم إن
من حق أي مسلم أن يوصي ، ومن حق أي مسلم أن يقول ما يشاء قبل موته ، والذين يسمعون
قوله أحرار في ما بعد بإعمال هذا القول أو إبطاله ، هذا إذا افترضنا أن محمداً
مجرد مسلم عادي وليس نبياً وقائداً للأمة.
فتصدى الفاروق عمر بن الخطاب ووجه كلامه
للحضور وقال ( إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ) فاختلف
أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله كتاباً لا تضلوا بعده
أبداً ، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي قال لهم
رسول الله : قوموا عني [١].
وفي رواية ثانية أن الرسول عندما قال : ائتوني
بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً تنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع ،
فقالوا هجر رسول الله. قال النبي :
[١] صحيح بخاري كتاب
المرضى باب قول المريض : قوموا عني ج ٧ ص ٩ وراجع صحيح مسلم في آخر كتاب الوصية ج
٥ ص ٧٥ وصحيح مسلم بشرح النووي ج ١١ ص ٩٥ ومسند الإمام أحمد ج ٤ ص ٣٥٦ ح ٢٩٩٢ وشرح
النهج لابن أبي الحديد ج ٦ ص ٥١.
اسم الکتاب : نظريّة عدالة الصّحابة والمرجعيّة السياسيّة في الإسلام المؤلف : احمد حسين يعقوب الجزء : 1 صفحة : 182