اسم الکتاب : رسالة في حديث عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المؤلف : الحسيني الميلاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 58
هل يأمر النبي بإطاعة الأمير كائناً من كان؟!
وممّا ذكرناه يظهر أن ما جاء في هذا
الحديث من أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم
يأمر بـ « السمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً » ... كذب قطعاً ... وأن هذا من
زيادات أمثال « أسد بن وداعة » ... ويشهد بذلك عدم جزم الراوي بأن النبي قاله ...
لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يأذن بأن
يتسلّط على رقاب الناس إلا من توفّرت فيه الصفات والشروط التي اعتبرها الشرع
والعقل ، ولا يجوزـ فضلاً عن أن يأمر ـ الاستسلام والانصياع التامّ لمن تأمّر
وتولى شؤون المسلمين كيفما كان وكيفما تسلط!
وعلى الجملة ، فإن هذه الفقرة من الحديث
إنما زيدت فيه ـ بناء على صدوره في الأمل ـ لحمل الناس على إطاعة معاوية وعماله
وإن ظلموا وجاروا ، وإن فسقوا وفجروا ...
إنها زيدت فيه كما زيد تعليل مفاده بأنه
« فإنما المؤمن ... »
ويؤكد ما ذكرنا اضطراب القوم كذلك في
معناها ، ونكتفي بما ذكره شارحا الترمذي :
قال ابن العربي : « قوله : اسمعوا
وأطيعوا. يعني ولاة الأمر وإن تأمر عليكم عبد حبشي.
فقال علماؤنا : إن العبد لا يكون والياً
...
والذي عندي : أن النبي أخبر بفساد الأمر
ووضعه في غير اهله حتى توضع الولاية في العبيد ، فإذا كانت فاسمعوا وأطيعوا.
تغليباً لأهون الضررين ، وهو الصبر على ولاية من لا تجوز ولايته ، لئلا يغير ذلك
فيخرج منه إلى فتنة عمياء صمّاء لا دواء لها ولا خلاص منها » [١].
وقال المباركفوري : « قوله : أي صار
أميراً أدنى الخلق فلا تستنكفوا عن طاعته.