وفيه
: إنّ الإنذار إنّما هو بذي الولاية والسلطان ـ كما عرفت ـ ، فلا تلزم محاربة أمير
المؤمنين عليهالسلام لأبي بكر ،
وأجاب به الرازي بنفسه عن إشكال إرادة أبي بكر من الآية ، حيث إنّه لم يحارب
المرتدّين حين نزول الآية إلى أن تولّى الخلافة [١].
فالمراد
: إتيان ذي سلطان لحرب كلّ من ارتدّ عن دينه في وقت سلطانه ؛ ولذا صحّ عندهم إرادة
أبي بكر مع أنّه لم يحارب كلّ مرتدّ ، كالأسود العنسي [٢] ؛ لأنّه قتل زمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ وكغسّان [٣] ، فإنّ عمر حاربهم في وقته كما قيل [٤] ..
مضافا إلى إمكان أن يكون معنى الآية
مجرّد تحذير من يرتدّ ، وإنذاره بالحرب أعمّ من أن يقع أو لا يقع.
[٢] هو : عبهلة بن
كعب بن غوث ، ذو الخمار ، مشعوذ من أهل اليمن ، ادّعى النبوّة ، قتل سنة ١١ ه.
انظر : البداية والنهاية ٦ /
٢٣٠ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٤٧.
[٣] غسّان : هم
أولاد عمّ الأنصار ـ الأوس والخزرج ـ ، وهم نصارى العرب أيّام هرقل ، وكان جبلة بن
الأيهم ـ وكنيته : أبو المنذر الغسّاني الجفني ـ ملك غسّان ، وهو آخر ملوكهم ،
فكتب إليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
كتابا مع شجاع بن وهب يدعوه إلى الإسلام ، فأسلم ، وقيل : لم يسلم قطّ ، وقيل :
أسلم بعد ما شهد اليرموك مع الروم أيّام عمر بن الخطّاب ، ثمّ ارتدّ نصرانيّا
وترحلّ بأهله حتّى دخل أرض الروم ، توفّي في زمن معاوية ، قيل : سنة ٤٠ ، وقيل سنة
٥٣ ه.
انظر : المنتظم ٤ / ٧٧ حوادث
سنة ٥٣ ه ، مختصر تاريخ دمشق ٥ / ٣٦٨ رقم ٢٠٦ ، البداية والنهاية ٨ / ٥١ حوادث
سنة ٥٣ ه.
[٤] انظر : الكامل
في التاريخ ٢ / ٣٤٤ حوادث سنة ١٥ ه.