وما أدري كيف استباح هو وصاحبه أن يجعلا
للكافرين على المؤمنين سبيلا ، ويردّا من آمنوا بالله ورسوله ، ملكا وخدما لمن كفر
بهما؟!
وكيف مع هذا يكونان إمامين للناس ،
ويؤمنان على الأمّة ونفوسها وأموالها؟!!
ثمّ إنّ حجّتهم على إرادة أبي بكر من
الآية بحربه للمرتدّين ممنوعة ؛ لأنّ من حاربهم إمّا كافر بالأصل ، كأصحاب مسيلمة
وسجاح ؛ أو مؤمن حقّا ، كبني حنيفة ، فإنّه حاربهم لامتناعهم من أداء الزكاة إليه
إنكارا لخلافته ، وتمسّكا ببيعة أمير المؤمنين عليهالسلام
يوم الغدير ، كما ستعرف إن شاء الله تعالى.
هذا
، وقد ناقش الرازي بإرادة أمير المؤمنين عليهالسلام
من الآية ، بل زعم دلالتها على فساد مذهب الشيعة!! ..
قال ما حاصله : إنّه لو كان المقصود
بالآية عليّا ـ وكان هو الإمام ـ ، ومن لم يقل بإمامته ليس بمؤمن ـ كما يزعم
الشيعة ـ ، لحارب أبا بكر ؛ لقوله تعالى : ( مَنْ يَرْتَدَّ
مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ ... )[١]
الآية.
فإنّ كلمة (مَنْ) في معرض
الشرط ، فتفيد العموم ، فيقتضي أنّ كلّ من ارتدّ يأتي الله بقوم يردّونهم عن كفرهم
ويبطلون شوكتهم ، ولم نجد الأمر كذلك ، فإنّ أبا بكر وأصحابه على شوكتهم ، بل
وجدنا الأمر على الضدّ ، فإنّ الشيعة هم المقهورون[٢].