وقال الخطيب : كان أحد أئمّة العلماء ،
يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه ، لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه
فيه أحد من أهل عصره ، فكان حافظا لكتاب الله ، عارفا بالقراءات ، بصيرا بالمعاني
، فقيها في أحكام القرآن ، عالما بالسنن وطرقها ، صحيحها وسقيمها ، وناسخها
ومنسوخها ، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين ، عارفا بأيّام الناس وأخبارهم ، وله
الكتاب المشهور في أخبار الأمم وتأريخهم ، وله كتاب التفسير لم يصنّف مثله ، وكتاب
سمّاه لم أر سواه في معناه ، لكن لم يتمّه ...
قلت : كان ثقة صادقا حافظا ، رأسا في
التفسير ، إماما في الفقه والإجماع والاختلاف ، علّامة في التاريخ وأيّام الناس ،
عارفا بالقراءات وباللغة وغير ذلك ...
قال الحاكم : سمعت حسينك بن علي يقول :
أوّل ما سألني ابن خزيمة فقال لي : كتبت عن محمّد بن جرير الطبري؟ قلت : لا. قال :
ولم؟! قلت : لأنّه كان لا يظهر ، وكانت
الحنابلة تمنع من الدخول عليه.
قال : بئس ما فعلت ، ليتك لم تكتب عن
كلّ من كتبت عنهم وسمعت من أبي جعفر » [١].
إذا ، كان بينه وبين الحنابلة فقط شيء ،
لا بينه وبين « علماء بغداد » ، وإنّهم كانوا يمنعون من الدخول عليه ، لا أنّ
العلماء « هجروه »!
وكم فرق بين كلام ابن روزبهان ، وبين
الحقيقة والواقع؟!
وأمّا رمي الطبري بالتشيّع أو الرفض ،
فلروايته حديث الغدير ،
[١] سير أعلام
النبلاء ١٤ / ٢٦٧ ـ ٢٧٢ رقم ١٧٥ ، وانظر قول الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٣ رقم
٥٨٩.