في مجلس واحد فحزن عليها حزناً شديداً ، فسأله رسول الله 6 كيف طلقتها ؟ قال : ثلاثاً. قال في مجلس واحد ؟ قال : نعم. قال : فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت ا ه.
قلت : وهذا مذهبنا في المسألة ، ويدل عليه مضافاً إلى ما سمعت [١٦] وكونه مقتضى الأصل قوله تعالى (الطَّلاقُ) الذي تحل المطلقة من بعده إنما هو (مَرَّتَانِ) فإن طلقها مرتين فالواجب عليه بعد ذلك ما أشار إليه سبحانه بقوله (فَإِمْسَاكٌ) بعد التطليقتين المتفرقتين (بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ) حينئذ (بِإِحْسَانٍ) إلى أن قال عز اسمه: (فَإِن طَلَّقَهَا) أي مرة ثالثة بعد المرتين المتفرقتين (فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ) ذلك التطليق الثالث (حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ).
وعلى هذا فلو قال لزوجته « أنت طالق ثلاثاً » ولم يكن طلقها من قبل أصلاً ، أو كان قد طلقها مرة واحدة فلا مانع لهما ان يتراجعا وان لم ينكحها غيره ، لأن المنفي في الولاية إنما هو حل ارجاعها من بعد التطليق الثالث المسبوق بتطليقتين كما لا يخفى. بيد أن أبا حفص (رض) تأول الآية وسائر
[١٦] ويدل عليه أيضاً ما نقله قاسم بك امين في صفحة ١٧٢ من كتابه تحرير المرأة عن النسائي والقرطبي والزيلعي بالاسناد إلى ابن عباس قال : اخبر رسول الله 6 عن رجل طلق امرأته ثالثا جمعاً ، فقام غضبان ثم قال أتلعبون بكتاب الله وانا بين أظهركم ا ه ، قلت : وفي تفسير سورة الطلاق من الكشاف نحوه ، وربما قيل ان هذا الحديث دال على فساد الطلاق الثلاث بالمرة لكونه لعبا ، وبذلك قال سعيد بن المسيب وجماعة من التابعين ، لكن الحق ان اللعب انما هو في قوله ثلاثاً فيلغى واما قوله انت طالق فيؤثر اثره اذا لا لعب فيه كما هو واضح.