والكل ذكروا اعتذار أبي بكر عن خالد بأنه تأول فأخطأ.
وإذا كان ابو بكر أو من نص على معذرة المتأولين ، فمن ذا يرتاب في ذلك من جمهور المسلمين.
وليت شعري متى كان التأول في الفروع شيئاً نكراً أم كيف لا يكون عند الله والمؤمنين عذراً ، وقد تأول السلف كثيراً من ظواهر الأدلة لأمور ظنوا فيها صلاح الملة ، فبخع لتأولهم جمهور المسلمين ، وانقطع اليهم في كل ما يتعلق بالدين ، تقديساً لتأولهم واجتهادهم وتنزيها لغرضهم ومرادهم ، واليك مضافاً إلى ما تلوناه تلميحاً إلى بعض تأويلهم وإشارة إلى اليسير من اجتهاداتهم ، وذكر ذلك مختصراً في العبارة والحر تكفيه الاشارة.
فمنها تأولهم في الطلاق الثلاث وحكمهم فيه بخلاف ما كان عليه زمن النبي 6 وأبي بكر كما هو مقرر معلوم.
ففي باب طلاق الثلاث من كتاب الطلاق من صحيح مسلم في صفحة ٥٧٤ من جزئه الأول عن ابن عباس بطرق مختلفة قال : كان الطلاق على عهد رسول الله 6 وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة. قال : فقال عمر بن الخطاب إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضينا عليهم. قال : فأمضاه عليهم ا ه.
ونقله قاسم بك أمين في صفحة ١٧٣ من كتابه « تحرير المرأة » عن صحيح البخاري ونقله الفاضل الرشيد في صفحة ٢١٠ من المجلد الرابع من مناره عن أبي داوود والنسائي والحاكم والبيهقي ثم قال ما هذا لفظه : ومن قضاء النبي بخلافه ما أخرجه البيهقي عن ابن عباس [١٥] قال : طلق ركانة امرأته ثلاثاً