responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 196

ما يُسمى عند الناس قولا و كلاماً عبارةٌ عن إبراز الإنسان المتكلم ما في ذهنه من المعنى بواسطة أصوات مؤلفة موضوعة لمعنى، فإذا قرع سمعُ المخاطب أو السامع انتقل المعنى الموجود في ذهن المتكلم إلى ذهنهما فحصل بذلك الغرض من الكلام و هو التفهيم و التَفَهّم. و هناك نكتة نبه عليها الحكماء فقالوا: حقيقة الكلام متقوّمة بما يدل على معنى خفي مُضمر، و أما بقية الخصوصيات ككونه بالصوت الحادث في صدر الإِنسان، و مروره من طريق الحنجرة و اعتماده على مقاطع الفم و كونه بحيث يقبل أنْ يقع مسموعاً، فهذه خصوصيات تابعة للمصاديق و ليست دخيلة في حقيقة المعنى الذي يَتَقَوّم به الكلام.

فالكلام اللفظي الموضوع، الدال على ما في الضمير، كلام. و كذا الإِشارة الوافية لإِراءة المعنى، كلام، كما أنَّ إشاراتك بيدك إلى القعود و القيام، أمر وقول. و كذا الوجودات الخارجية فإنها لمَّا كانت حاكية بوجودها عن وجود علّتها، و بخصوصياتها عن الخصوصيات الكامنة فيها، صارت الوجودات الخارجية - بما أنَّ وجودها مثال لكمال علّتها - كلاماً. و عليه فمجموع العالم الإِمكاني كلام الله سبحانه، يتكلم به بإِيجاده و إنشائه، فيظهر المكنون من كمال أسمائه و صفاته. و كما أنَّه تعالى خالق العالَم و العالَم مخلوقه، كذلك هو تعالى متكلم بالعالم، مظهر به خبايا الأسماء و الصفات، و العالم كلامه[1].

قال أمير المؤمنين و سيد الموحدين ـ عليه السَّلام ـ في نهج البلاغة: «يُخْبِر لا بلسان و لَهَوات، ويَسْمَعُ لا بخرُوق وادوات، يقول و لا يَلفِظُ، و يَحْفَظُ و لا يَتَحَفَّظُ، و يُريد و لا يُضْمِر، يُحِبّ و يرضى من غير رِقَّة، و يُبْغِضُ و يغضب من غير مشقّة، يقول لمن أراد كونه: كن. فيكون، لا بصوت يَقْرَع، و لا بِنداء يُسْمَع، و إنما كلامه سبحانه فِعْلٌ منه أنشأه وَ مَثَّلَهُ، لم يكن من قبل ذلك كائناً، و لو كان قديماً لكان إلهاً ثانياً»[2].


[1] الميزان، ج 2، ص 325، ط بيروت، بتلخيص.
[2] نهج البلاغة، الخطبة 179، ج 2، ص 122، ط عبده.

اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست