اسم الکتاب : نظرة عابرة الى الصحاح الستة المؤلف : عبد الصمد شاكر الجزء : 1 صفحة : 129
فالبكاء على الميت من الرحمة ولا ينهى
الله عن الرحمة ، فضلاً عن أمره بضرب الباكي بالعصا والحجارة وحثيه بالتراب كما
صدر من عمر.
ومهما كان الامر ففتوى عمر شيء ونقل
الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
شيء آخر ، والحق انّ البكاء على الميت مباح ، بل حسن ولا يعذب الميت به حتّى وان
كان حراماً ، لما علم بالضرورة من الدين من انّ أحداً لا يعذب بفعل الآخر ، كيف
وهل اراد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
ببكائه ان يعذّب جعفر الطيار وصاحباه وابراهيم ابنه وغيرهم ممّن بكى عليهم ، وهل
يدري أبو بكر انّ بكاءه على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
يعذّبه؟ ( نعوذ بالله من ان يقال بعذاب النبي ).
ثم تعالوا معي نستمع إلى قول عائشة وهي
تردّ على رواية عمر ـ وابنه حيث قالت : رحم الله عمر ، والله ما حدّث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم انّ الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه
، ولكن رسول الله قال : « انّ الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه » وقالت :
حسبكم القرآن : (ولا تزر وازرة وزر أُخرى)[١].
وقالت أيضاً : انّما مرّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على يهودية يبكي أهلها ، فقال : « انّهم
ليبكون عليها وانّها لتعذب في قبرها » [٢].
أقول : امّا استدلالها بالآية الكريمة
فصحيح كما اشرنا اليه من قبل ، وامّا حديثها الاَول فيرد عليه انّه لا وجه لزيادة
عذاب الكافر ببكاء أهله عليه ، فانّه مخالف للعقل ، وانّما هو يعذب بكفره وعصيانه
فقط ، ومخالف للآية الكريمة المذكورة أيضاً.
ثم نسأل أُم المؤمنين أي وجه لانكارك ـ
فضلاً عن تأكيدك بالقسم ـ الحديث المذكور ولم تكوني مع رسول الله في المسجد
وميادين الحرب