وبهذا اجاب السيد بحر العلوم عن ايراد
آخر ، وهو أن اشتراط عدالة الراوي ينفي حجية الحسن مطلقاً. فقال : « التحقيق أن
الحسن يشارك الصحيح في أصل العدالة ، وإنما يخالفه في الكاشف عنها ، فانه في
الصحيح هو التوثيق ، او ما يستلزمه بخلاف الحسن ، فان الكاشف فيه هو حسن الظاهر
المكتفى به في ثبوت العدالة على أصح الاقوال » [١].
ولكن يورد عليه اولاً : بأنه منافي لما
صرح به جماعة في مبحث العدالة من عدم ثبوتها بذلك ، فيتم هذا الجواب على بعض
المباني ، كما أشار اليه السيد. وثانياً : بأنه منافي لما أخذوه في تعريف كل من
الصحيح والحسن ، حيث اعتبروا في الصحيح كون الراوي امامياً عدلاً ، واعتبروا في
الحسن كونه امامياً ممدوحاً من غير نصٍ على عدالته ، وهذا صريح في أن اعتبار الحسن
ليس من أجل ثبوت العدالة بالمدح. على أن جعله قسيماً للصحيح يقضي بذلك ، وإلا لكان
قسماً منه. وثالثاً : بمنافاته الاستدلال على حجية الحسن ببناء العقلاء على قبول
خبر المخبر الممدوح الذي لم يظهر منه كذب او دس ، فان مقتضاه عدم دخل عقيدته في
قبول خبره.
نعم سبق [٢] ان الشيخ الطوسي نقل عن أصحابنا : أنهم
ميّزوا الرجال الناقلة للأخبار ، ووثّقوا الثقات منهم ، وضعّفوا الضعفاء ومدحوا
الممدوح ، وذموا المذموم ، وقالوا فلان متهم في حديثه ، وفلان مخالف في المذهب
والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي ، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها الخ.
ومقتضاه ان مدحهم للراوي ، واعتمادهم على حديثه لذلك مشروط بكونه امامياً حيث ذموا
غيره ، وطعنوا فيه ، ولا