اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 85
صاحب في السفر ، واُنس
في الغربة ، ومن عرف الحكمة لم يصبر عن الازدياد منها ، والشريف من شرَّفه علمه ، والرفيع
من رفعته الطاعة ، والعزيزمن أعزته التقوى » [١].
وقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : « لا قول إلاّ بعمل ، ولا قول ولاعمل
إلاّبنيّة ، ولا قول وعمل ونية إلاّ بإصابة السنة ».
وما نقلته من نهج البلاغة تصنيف السيد
الرضي الموسوي رضياللهعنه.
قال : كميل بن زياد : أخذ بيدي
أميرالمؤمنين عليهالسلام
فأخرجني إلى الجبانة [٢]
، فلما أصحر تنفس الصُّعَداء ، ثم قال :
« يا كميل ، إن هذه القلوب أوعية ، فخيرها
أوعاها ، فاحفظ عني ما أقول لك ، الناس ثلاثة : عالم رباني ، ومتعلّم على سبيل
نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم
يلجؤوا إلى ركن وثيق.
يا كميل ، العلم خير من المال ، العلم
يحرسك ، وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكوعلى الانفاق ، وصنيع
المال يزول بزواله.
يا كميل بن زياد ، معرفة العلم دين يدان
به ، ويكسب صاحبه الطاعة في حال حياته ، وحسن الأحدوثة بعد وفاته ، والعلم حاكم ، والمال
محكوم عليه ، هلك خزان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم
مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة.
ها! إن هاهنا علماً جمّاً ، لوأصيب له
حملة ـ وأشارإلى صدره ـ بلى أصيب له لقناً غير مأمون عليه ، مستعملاً الة ألدين
للدنيا ، ومستظهراً بنعم اللّه على عباده ، وبحججه على أوليائه ، أو منقادأ َ[٣] لحملة الحق ، لابصيرة له في أحنائه [٤] ، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من
شبهة ، ألا لا ذا ولا ذاك! أومنهوماً باللذة ، سلس القياد للشهوة ، أو مغرماً
بالجمع والإدّخار ، ليسا من رعاة الدين في شيء ، أقرب شيء
[١] كنز الفوائد : ١٤٧ ، من : وقال عليهالسلام : « قيمة كل امرىء ما يحسن
... ».
[٢] الجبَانة : الصحراء ، وتسمى بها المقابر ، لأنها تكون في الصحراء ... والجبّان :
الصحراء أيضاً. « مجمع البحرين ـ جبن ـ ٦ : ٢٢٤ ».