اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 251
صلوات الله عليه
واله : « حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا » وإنما حسابه
لنفسه أن يتوب عن كل معصية قبل الموت توبة نصوحاً ، ويتدارك ما فرط من تقصير في
فرائض الله ، ورد المظالم حبة بعد حبة ، ويستحل كل من تعرض له بلسانه ويده ويطيب
قلوبهم ، حتى يتوب [١]
ولم تبق عليه مظلومة ولا فريضة ، فهذا يدخل الجنة بلا حساب.
وإن مات قبل ذلك كان على أمر خطر من
أهوال ذلك اليوم ، فنعوذ بالله منشر ذلك الموقف ، حين تتذكر ما أنذرك الله على
لسان رسوله صلىاللهعليهوآله حين قال : (ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما
يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار * مهطعين مقنعي رؤسهم
لا يرتد إليهم طرفهم وافئدتكم هواء)[٢] فما أشد فرحك اليوم بتمضمضك بأعراض
الناس وتناولك أموالهم ، وما أشد حسرتك في ذلك اليوم إذا وقفبك على بساط العدل ، وقوبلت
بميزان السياسة والعدل ، وأنت مفلس فقير عاجز مهين ، لا تقدر على أن ترد حقاً أو
تقيم عذراً.
فدع التفكر فيما أنت مرتحل عنه ، واصرفه
إلى مورده واحذره ، واجتهد فيما ينججك منه ، واستمع إلى قوله تعالى : (وان منكم إلأ واردها كان على ربك حتمآَ مقضياً
* ثم ننجي
الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً)[٣] فإن كنت تعلم من نفسك التقوى ، فأنت من
الناجين ، وإن لم تكن كذلك ، فأنت من الظالمين فيها جثياً ، فأشعر قلبك هول ذلك
المورد ، فعساك تستعد للنجاة [٤]
منه.
وتأمل في حال الخلائق ، وقد قاسوا من
دواهي القيامة ما قاسوا ، فبيناهم في كربها وأهوالها واقفون ينظرون حقيقة آياتها ،
إذ أحاطت بالمجرمين ظلمات ، وأظلت عليهم بادرات ، وسمعوا لها زفيراً وجرجرة تفصح
عن شدة الغيظ ، فعند ذلك أيقن المجرمون بالعقاب ، وجثت الاُمم على الركب ، حتى
أشفق البراء من سوء المنقلب.
وخرج ملك من الزبانية ينادي : يافلان بن
فلان ، المسوف نفسه في الدنيا بطول الأمل ، المضيع عمره في سوء العمل. فيبادرونه
بمقامع حديد ، ويستقلبونه بعظائم