اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 249
ومنهم من السماوات إلى حجزته [١] ، ومنهم من قدماه على غير قرار في جو الهواء
الأسفل ، والأرضون إلى ركبته ، ومنهم لو اُلقي في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها
، ومنهم من لو اُلقيت السفن في دموع عينيه لجرت دهر الداهرين. فتبارك الله أحسن الخالقين
».
روى هذا الحديث مسنداً الشيخ أبو جعفر
ابن بابويه الفقيه رحمهالله
، في كتابه كتاب (الخصال) [٢].
فانتبه لنفسك ـ أيها الأنسان ـ كيف تكون
حالك إذا شاهدت مثل هؤلاء الملائكة العظيمي الخلق ، ليأخذوك إلى مقام العرض ، وتراهم
على عظم أشخاصهم منكسرين ، لشدة خوف يوم المحشر ، مما يرون من غضب الجبار على
عباده ، وعند نزولهم لا يبقي نبي ولا صدّيق ولا صالح إلاّ ويخرون لأذقانهم خوفاً
من الله ، كأنهم هم المأخوذون ، فهذا حال المقربين ، فما ظنك بالعصاة المجرمين!
وعند ذلك تقوم الملائكة صفاً محدقين
بالخلائق من الجوانب ، وعلى جميعهم شعار الذل والخضوع ، وهيبة الخوف والمهابة لشدة
ذلك اليوم.
ثم تقبل الملائكة فينادون وأحداً واحداً
يافلان بن فلانة ، هلمّ إلى موقف العرض ، فعند ذلك ترتعد الفرائص ، وتضطرب الجوارح
، وتبهت العقول ، ويتمنى أقوام أن يذهب بهم إلى النار ، ولا تعرض قبائح ، أعمالهم
على الجبار ، ولا يكشف سرهم على ملأ الخلائق. فعند ذلك يخرج النداء : يا جبرئيل ، إئت
النار ، فجاءها جبرئيل وقال لها : يا جهنم ، أجيبي خالقك ومليكك. فقادها جبرئيل على
غيظها وغضبها ، فلم تلبث بعد النداء أن فارت وزفرت إلى الخلائق وشهقت ، وسمع
الخلائق شهيقها وزفيرها ، وانتهضت خزانها متنكرة على الخلائق ، غضباً على من عصى
الله وخالف أمره.
فأخطر ببالك حال قلوب العباد وقد امتلأت
فزعاً ورعباً ، فتساقطوا وجثوا على الركب ، وولوا مدبرين ، وسقط بعضهم على الوجوه
، وينادي الظالمون والعصاة بالويل والثبور ، ونادى كل واحد من الصديقين : نفسي
نفسي. فبينا هم كذلك إذ زفرت النار زفرة ثانية ، فتساقط الخلائق على وجوههم ، وشخصوا
بأبصارهم ينظرون من طرف