اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 248
فاحذروا ـ عباد الله ـ الموت وقربه ، وأعدّوا
له عدته ، فإنه يأتي بأمر عظيم ، وخطب جليل ، يأتي بخير لا شر بعده أبداً ، وبشر
لا خير بعده أبداً ، فمن أقرب من الجنة من عامليها!؟ ومن أقرب من النار من
عامليها!؟ وأنتم طرد الموت الذي إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم ، وهو
ألزم لكم من ظلكم ، الموت معقود بنواصيكم ، والدنيا تطوى من خلفكم ، فاحذروا ناراً
قعرها بعيد ، وحرها شديد ، وعذابها جديد ، وحليتها حديد ، دار ليس فيها رحمة ، ولا
تسمع فيها دعوة ، ولا تفرج فيها كربة [١]
، فاتقوا الله ، ولا تسخطوه برضى أحد من خلقه ، فإن في الله خلفاً من خلقه ، وليس
في غيره خلف منه.
فانتبه أيها الإنسان لنفسك ، واعلم أنك
مسؤول عن ألقليل والكثير ، والنقير والقطمير ، والفتيل والذرة والحرف ، وما تضمر
في نفسك ، وزمرات [٢]
عينك وخيانتها ، وتمثل في نفسك ـ إن أردت أن يخشع قلبك ، وتقشعر جوارحك ، وتجري
دمعتك ـ أهول يوم القيامة ، وكربها وفرقها ، وشدة عظائمها ، وخروجك من قبرك
عرياناً حافياً ، شاحباً لونك ، شاخصاً بصرك ، تنظر مرة عن يمينك ، ومرة عن يسارك
، إذ الخلائق كلهم في شأن غير شأنك ، ومعك ملائكة موكّلون بك غلاظ شداد ، منهم
سائق وشهيد ، سائق يسوقك إلى محشرك ، وشهيد يشهد عليك ، بعملك ، فحينئذ تنزل
الملائكة من أرجاء السماوات ، جسام عظام ، وأشخاص ضخام شداد ، اُمروا أن يأخذوا بنواصي
المجرمين إلى موقف العرض ، مهول خلقهم.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إن لله ملكا ما بين شفري عينيه
مسيرة مائة عام ».
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « إن لله ملائكة لو أن ملكاً هبط إلى
الأرض لم تسعه ، لعظم خلقه ، وكثرة أجنحته ، ومنهم من لو كلفت الجن والأنس أن
يصفوه ما قدروا على وصفه ، لبعد ما بين مفاصله ، وحسن تركيب صورته ، وكيف يوصف من ما
بين منكبه وشحمة اذنه مسيرة سبعمائة عام!؟ ومنهم من يسد الأفق بجناح من أجنحته دون
عظم بدنه