اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 150
وسيأتي على الناس
زمان من عمل به بعشر ما اُمر به نجا » [١].
ومن كتاب قال : دخل ضرار بن ضميرة
الليثي [٢]
على معاوية بن أبي سفيان ـ حسبه الله ـ يوماً فقال يا ضرار ، صف علياً ، فقال : أو
تعفني من ذلك؟ فقال : لا أعفيك.
فقال : كان والله بعيد المدى ، شديد
القوى ، يقول فضلاً ، ويحكم عدلاً ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق من نواحيه ، يستوحش
من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل ووحشته.
كان ـ والله ـ غزير العبرة [٣] ، طويل الفكرة ، (يحاسب نفسه) [٤] ، ويقلب كفه ، ويخاطب نفسه ، ويناجي
ربه ، يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ماجشب.
كان ـ والله ـ فينا كأحدنا ، يدنينا إذا
أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه ، وكنا معدنوه منا قربنا منه ، لا نكلمه لهيبته ، ولا
نرفع أعيننا إليه لعظمته ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤِ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويحب
المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله.
وأشهد بالله ، لقد رأيته في بعض مواقفه
، وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، وهو قائم في محرابه ، قابض على لحيته ، يتململ
، تململ السليم [٥]
، ويبكي بكاء الحزين ، فكأني : الآن اسمعه هو يقول : « يا دنيا ، يا دنيا ، إليَّ
تعرضت ، أم إليّ تشوّقت [٦]
: هيهات ، هيهات ، غري غيري ، لا حاجة لي فيك ، قد بتتك [١] ثلاثاً لارجعة فيها ، فعمرك
[٢] في ألمصدر : الكافي ، وقد ورد لألفاظ عديدة ، منها في نهج البلاغة ٣ : ١٦٦ / ٧٧
بلفظ : الضبائي ، وفي الشرح الحديدي ١٨ : ٢٢٤ : الضابي ، وفي الاستيعاب ٤٢ : ٣
الصدائي