اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 147
عرضت له شهوة أسلف
المعصية وسوّف التوبة ، وإن عرته محنة انفرج عن شرائط الملّة ، يصف العبرة ولا
يعتبر ، ويبالغ في الموعظة ولا يتّعظ ، فهو بالقول مدلّ ، ومن العمل مقل ، ينافس
فيما يفنى ، ويسامح فيما يبقى ، يرى الغنم مغرماً والغُرم مغنماً ، يخشى الموت ولا
يبادر الفوت ، يستعظم من معصية غيره ما يستقل أكثر منه من نفسه ، ويستكثر منطاعته
ما يحقره من طاعة غيره ، فهو على الناس طاعن ، ولنفسه مداهن ، اللهو مع الأغنياء
أحب إليه من الذكر مع الفقراء ، يحكم على غيره لنفسه ، ولا يحكم عليها لغيره ، يرشد
غيره ويغوي نفسه ، فهو يطاع ويعصي ، ويستوفي ولا يوفي ، يخشى الخلق في غير ربه ، ولا
يخشى ربه في [١]
خلقه » [٢].
وقال عليهالسلام
: « ذمتي بما أقول رهينة ، وأنا به زعيم ، إن من صرحت له العبر عما بين يديه من
المثلات ، حجزه التقوى عن تقحم الشبهات » [٣].
وقال عليهالسلام
: « كان لي أخ في الله ، وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه ، وكان خارجاً عن
سلطان بطنه ، لا يشتهي مالا يجد ، ولا يكثر إذا وجد ، وكان أكثر دهره صامتاَ ، فإن
قال بذ[٤] القائلين ، ونقع
غليل السائلين ، وكان ضعيفاً مستضعفاً ، فإذا جاء الجد فليثٌ عاد ، وصلُّ واد ، لا
يدلي بحجة حتى يأتي قاضياً ، وكان لايشكو وجعاً إلا عند برئه ، وكان لا يلوم أحداً
على ما يجد العذر في مثله حتى يسمع اعتذاره ، وكان يقول ما يفعل ولا يقول ما لا
يفعل ، وكان على أن يسكت أحرص منه على أن يتكلم ، وكان إن غلب على الكلام لم يُغلب
على السكوت ، وكان إذا بدهه أمران نظر أيهما أقرب إلى الهوى فخالفه ، فعليكم بهذه
الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها ، فإن لم تستطيعوها فاعلموا إن أخذ القليل خير من
ترك الكثير » [٥].
« ولو لم يأمر الله بطاعته لكان يجب أن
لا يعصى شكراً لنعمته » [٦].
[٢] نهج البلاغة ٣ : ١٨٩ / ١٥٠ ، باختلاف يسير ، ووفيه : قال الرضي : لو لم يكن في
هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى [ به ] موعظة ناجعة ، وحكمة بالغة ، وبصيرة لمبصر
، وعبرة لناظر مفكر.