يكن يهمهم إلاّ رضا
الله سبحانه ، وظهور الدين ، وفلج الحق ، ولا يغضبون إلا لله تعالى ، ولا يرضون
إلا لرضاه ، مهما كان ذلك صعباً ، ومراً بالنسبة إليهم ..
وإذا كان علي امير المؤمنين عليهالسلام على استعداد لتحمل الهجوم عليه في بيته
، وضرب زوجته ، وهي بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، واسقاط جنينها ، واستصفاء أموالها ـ بل لقد روي أن عثمان قد ضرب علياً نفسه
مباشرة [١]
ـ إلى غير ذلك مما واجهه عليهالسلام
، من الاهانات الكثيرة ، والرزايا الخطيرة ، مما هو معروف ، ومشهور ومسطور.
إذا كان علي عليهالسلام على استعداد لتحمل ذلك .. فانه هو نفسه
ذلك الذي يشهر سيفه بعد خمس وعشرين سنة من تحمل الظلم ، ويخوض الحروب الطاحنة ،
التي تستأصل عشرات الالوف من الناس.
ما ذلك إلا لانه رأى في السكوت أولاً
رضا الله سبحانه ؛ فيرضى به ؛ يقول : لاسلمنّ ما سلمت أمور المسلمين ، ويرى في
الحرب أخيراً عملاً بالتكليف الشرعي ، فلا يتوانى فيه ؛ ولا يتردّد ..
وكذلك الحال بالنسبة لهؤلاء الصفوة
الاخيار من اصحابه عليهالسلام
، فانهم لا يقدمون إلاّ على ما يرون فيه رضا الله سبحانه ، وظهور دينه ، وصلاح
عباده ..
ب
: وبعد .. فان علياً عليه الصلاة والسلام ،
وأصحابه الاكارم رضوان الله تعالى عليهم يرون : أن الاسلام يرفض السلبية ، من أجل
السلبية نفسها؛ فانها تعني العجز ، والانهزامية ، والهروب من مواجهة الواقع ،
وتحمل مسؤولياته ، لان هذه سلبية مضرة وهدامة ، وممقوتة.
كما أن هؤلاء الصفوة لا يرون في الحكم
مكسباً شخصياً ، ولا مطلباً فردياً ، لابد من التضحية بكل شيء من أجله ، وفي سبيله
، وإنما يرون فيه مسؤولية ،
[١] الموفقيات ص ٦١٢
القسم الضائع من الموفقيات. وشرح النهج للمعتزلي ج ٩ ص ١٦.