سورة الحديد ،
والحجج والبراهين الدامغة ، والقاهرة ، التي تثبت صحة ما يقولون ، سواء أكان ذلك
من قبيل المعجزات ، وخوارق العادات أو من قبيل توجيه الناس نحو التفكر في عجائب
الكون ، غرائب الخلقة ، أو من قبيل التذكير بأيام الله ، وبما جرى على الماضين ،
أو بالبشارات التي تتحقق ، أو بغير ذلك من الحجج القاطعة ، والبراهين الساطعة ..
وهذه البينات تكون بمثابة صدمة قوية ،
لابد وأن يذعن العقل معها للحق ، وينصاع له .. ولعل قسماً من هذه البينات تبينه
الآيات التي يتلوها عليهم ، كما أشارت إليه آيات سورة الجمعة ـ والبقرة ، وآل
عمران ، الآنفة الذكر ـ حيث قرن تعليم الكتاب بتلاوة الآيات الالهية عليهم ..
المرحلة الثانية :
وبعد .. أن يذعن العقل للحق ، ويأتي دور
التزكية ، وبث الفضائل والمزايا الخيّرة ، والنبيلة في نفس الانسان ، ثم تصفيتها
من الرواسب والشوائب ، وإقناع الانسان بأن عليه أن لا يستكبر ، ولا يعلو ، وأن لا
يكون حقوداً ، ولا حريصاً ، ولا جباناً .. إلخ .. « ويزكيهم ».
فيبذر في نفسه بذور الخير ، والبركة ،
والصلاح ، الامر الذي يهيؤه لمزيدٍ من الفهم ، ولمزيد من التعقيل والوعي لاحكام
الدين وتشريعاته ويجعله على استعداد لان يبذل جهده في سبيل تطبيق هذه الاحكام على
نفسه ويعمل ، ويجدّ ، ويتحمل المشاق لتطبيقها ، على مجتمعه ؛ فان الاخلاق هي أساس
الدين ، ولابد للدين منها؛ وذلك لاُن عبادة الله سبحانه ، لا تتلاءم مع الاستكبار
: « إن
الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته » [١].
ولولا استكبار فرعون لكان آمن ، وقبل
الحق .. وكذلك إبليس.