ألهب ضمضم مشاعر القرشيين بندائه ،
فتجهز الناس سراعاً ، وأقامت قريش ثلاثاً تتجهز ، وأخرجت اسلحتها ، وأعان قويُّهم
ضعيفهم « ولم يتخلف عن الخروج من أشرافهم أحد إلا أبا لهب ، وبعث مكانه العاص بن
هشام بن المغيرة ».
وعزم أمية بن خلف الجمحي على القعود ـ
لأنه كان شيخاً ثقيلاً ، فأتاه عقبة بن أبي معيط بمجمرةٍ فيها نارٌ وبخور وقال :
يا ابا علي ، استجمر ، فإنما أنت من النساء !
فقال : قبحك الله وقبح ما جئت به ،
وتجهز وخرج معهم [٢].
ولما أتمت قريش تجهيزها ، خرجت بالقيان
والدفوف ، وكانوا تسعماية وخمسون مقاتلاً ، وقادوا معهم مائة فرس بَطَراً
وتجبُّراً ، وسبعمائة من الإبل ، وأبو جهل يقول : « أيظن محمدٌ أن يصيب منّا ؟
سيعلم أنمنع عِيرنَا أم لا ».
ومضت قريش في طريقها ينحرون ويطعمون
الطعام لكل من وفد عليهم.
لكن يبدو أن أكثرهم كان متشائماً من تلك
الرحلة بالرغم من كثرتهم عدةً وعدداً ، إلا أن الكبرياء والجبروت طالما دفعا
بأهلهما نحو المصير الأسود.
[١] الكامل ٢ / ١١٧ والسيرة النبوية ٢ / ١٨٢ ـ ١٨٣ والطبري ٢ / ٢٧٠
ـ ٢٧١ بعبارات مختلفة.