اسم الکتاب : صلح الحسن عليه السلام المؤلف : آل ياسين، الشيخ راضي الجزء : 1 صفحة : 209
الذي « اذا سار سار
الموت حيث يسير » على حد تعبير عدوه فيه؟؟؟ [ والفضل ما شهدت به الاعداء ].
وكانت تضحيته بسلطانه لذاتها ، من أروع
آيات شجاعته ، لو كانوا يشعرون.
فأين هو الطمع بالحياة ، أو الخوف من
القتل.
وليس في موازين الحسن ، الا مبادئُه
التي لا يوازنها في حسابه شي ء اخر ، فرأى أن يفدي مبادئه بسلطانه ليحفظ كيانها
وكرامتها ، وليحميها من الايدي العادية التي لا تخاف عاجل عار ولا آجل نار ،
وتولّى شطر هذه الخطة متساميا على الدنيا لا يتغير ولا ينحرف ولا يحيد ، فاذا به
المنتصر في صميم الخذلان ، والفاتح في صميم الهزيمة ، والظافر في صميم الانهيار.
ورضي لنفسه أن تحيا حياة أهون من آلامها
الموت ، صيانة لاهدافه من أن تموت ، ورضي لنفسه أن تكون بكل وجودها أداة الخير
للغير ، دون أيّ استغلال أو استئثار أو احتكار. وهذا بمفرده ، قصارى ما يصل اليه
أفذاذ المصلحين في التاريخ ، وقصارى ما تصبو اليه التربية الاسلامية لتحقيق وجهة
النظر الاسلامي ، في نشر الاصلاح في الناس ، وفي تعبئة المبادىء الصحيحة في
المجتمع.
وكثير اولئك الذين خدموا مبادئهم ،
بتحمل النوائب في أنفسهم ، الا أنّ أحدا من اولئك لم يبلغ مبلغ الحسن فيما تحمله ،
من الوانها المختلفة ، التي اصطلحت عليه ، وصحبته كظله الملازم له حتى ختمت حياته
ـ في نهاية المطاف ـ بالنكبة الكبرى.
فكان ـ من جميع أطرافه ـ أمثولة الامام
الصاعد في مثاليته ، والمصلح العظيم الذي اختط للمصلحين ، آلم التضحيات للنفس ، في
سبيل الابقاء على المبدأ.
اسم الکتاب : صلح الحسن عليه السلام المؤلف : آل ياسين، الشيخ راضي الجزء : 1 صفحة : 209