اسم الکتاب : الرّفق في المنظور الإسلامي المؤلف : الخزاعي، أبو زلفى الجزء : 1 صفحة : 20
ولا يسمعونه ما يثقل
عليه من كلمات تجرح شعوره مما هي فيه وهو أهلها ويستحقها لغروره وتبلّد
ذهنه إذ وضع نفسه الوضيعة في غير موضعها ، بل راح يتعالى عليهم بمخاطبتهم.
وهذا يعني : أن الجاهل يبلغ به عجبه بنفسه وعلمه بأن يرى الآخرين ـ وإن
كانوا علماء ـ هم دونه في
المستوى ، وعند ذلك تسمح له تصوراته المغرورة هذه في تنصيب نفسه خطيباً
عليهم ، له أن يتكلّم وعليهم أن يسمعوا.
نعم ، فاذا كانت هذه حقيقة ماثلة في
أغلب النفوس ، وهي كذلك ، فلماذا لا يرفق العالم بالجاهل ، والأعلم
بالمتعلم ، ويقول له : سلاماً ، في المواضع التي يتطاول فيها الجاهل ،
ويترك للزمن إقناعه ، وللمراحل التي يلزم طيها حتى يبلغ الفهم ويبلغ
التواضع للحقيقة التي يُراد له الوصول إلى
فهمها وبلوغها ؟
الرحمانيون
:
فمن لم يتلطف ويرأف بهذه النفوس المريضة
بداء الجهل والغرور ، ولم يداوها بدواء الرفق والسماحة فليس هو بالحكيم
الذي يضع الاُمور في محلها ، كما هو ليس أهلاً بأن ينسب إلى الرحمن
بالعبودية (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ
الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا)[١].
والملاحظ في هذه الآية الكريمة أنها أتت
باسم وصفة الرحمن في هذا المجال ، هذا يعني أن المنسوبين إلى الله ( الرحمن ) بالعبودية يجب