فاعلم أنّ مقتضى القاعدة الحكمية، أعني لزوم وجوب
الصلة بين الصادر والصادر عنه، هو كون الشيء الصادر هو
الكمال إذ لا صلة بين الكمال المطلق والنقص والشرّ والعدم.
أضف إلى ذلك أنّ الجعل لا يتعلّق بغير الوجود وهو نفس
الخير والسعادة، وأمّا الاَعدام والنقائص فلا يتعلّق بها الجعل
لعدم القابلية.
وبذلك يظهر معنى قوله سبحانه: (كلٌّ مِن عندِ اللهِ) أمّا الخير
فواضح، وأمّا الشرّ فلما عرفت من أنّ الشيء الصادر هو الوجود
وهو مساوق للخير وأمّا الشرّ فهو لازم أحد الاَمرين:
الاَوّل: كون الشرّ لازم مرتبته، مثلاً الموجود النباتي يلازم
فقدان الشعور والاِرادة والحركة بحيث لو شعر لخرج عن حدّه،
وكونه نباتاً، فهذا النقص راجع إلى عدم الوجود الذي هو من
لوازم ذات الموجود في تلك المرتبة، والذي تعلّق به الجعل هو
الوجود لا الدرجة والحد.