اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 58
أن يقول : سوّيته بالأرض ، ولم يكتف بقوله سوّيته .
أضف إلى ذلك أنّ ما ذكرناه هو الّذي فهمه شرّاح الحديث وهو دليل على أنّ التسطيح سنّة والتسنيم بدعة وأمر عليّ ـ عليه السلام ـ أن تكافح هذه البدعة ويسطّح كلّ قبر مسنّم ، وإليك ذكر نصوصهم :
قال القرطبي في تفسير الحديث : قال علماؤنا : ظاهر حديث أبي الهياج منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون واطئة[1] .
أقول : إنّ دلالة الحديث على منع تسنيم القبور ظاهر ، وأمّا دلالتها على عدم ارتفاعها كما هو ظاهر قوله: «ومنع رفعها» فغير ظاهر ، بل مردود باتّفاق أئمة الفقه على استحباب رفعها قدر شبر[2] .
2 ـ قال ابن حجر العسقلاني في شرحه على البخاري ما هذا نصّه :
مُسنّماً بضمّ الميم وتشديد النون المفتوحة أي : مرتفعاً ، زاد أبو نعيم في مستخرجه : وقبر أبي بكر وعمر كذلك ، واستدلّ به على أنّ المستحب تسنيم القبور ، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد والمزني وكثير من الشافعية .
وقال أكثر الشافعية ونصّ عليه الشافعي : التسطيح أفضل من التسنيم; لأنّهـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ سطّح قبر إبراهيم ، وفعله حجّة لا فعل غيره ، وقول سفيان التمّار : رأى قبر النبيّ مسنّماً في زمان معاوية ، لا حجّة فيه ، كما قال البيهقي; لاحتمال أنّ قبرهـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وقبرَي صاحبيه لم تكن في الأزمنة الماضية مسنّمة ـ إلى أن قال : ـ ولا يخالف ذلك قول عليـ عليه السلام ـ : أمرني رسول الله أن لاأدع قبراً مشرفاً إلاّ سوّيته ، لأنّه لم يرد تسويته بالأرض، وإنّما أراد تسطيحه جمعاً بين الأخبار، ونقله في المجموع عن الأصحاب[3].
3 ـ وقال النووي في شرح صحيح مسلم : إنّ السنّة أنّ القبر لا يرفع عن الأرض رفعاً كثيراً ، ولا يُسنَّم بل يُرفع نحو شبر ، وهذا مذهب الشافعي ومن وافقه ، ونقل القاضي عياض عن أكثر العلماء أنّ
[1] القرطبي ، التفسير 2 : 380 تفسير سورة الكهف . [2] الفقه على المذاهب الأربعة 1 : 42 . [3] إرشاد الساري 2 : 468 .
اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 58