responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 57

والفرق بين المعنيين واضح; فإنّ التسوية في الأوّل وصف للشيء بمقايسته مع شيء آخر ، وفي الثاني وصف لنفس الشيء ولا علاقة له بشيء آخر .

فلو استعمل في المعنى الأوّل لتعدّى إلى مفعولين : أحدهما بلا واسطة ، والآخر بمعونة حرف الجرّ ، قال تعالى حاكياً عن لسان المشركين وأنّهم يخاطبون آلهتهم بقولهم : (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[1] ، أي نعدّ الآلهةَ الكاذبة مساويةً لربّ
العالمين في العبادة أو في الاعتقاد بالتدبير .

وقال سبحانه حاكياً عن حال الكافرين يوم القيامة : (يَوْمَئِذ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصُوا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الاَْرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً)[2] ، أي يودّون أنْ يكونوا تراباً أو ميتاً مدفوناً تحت الأرض ، ويكونون كذلك والأرض متساوية .

ترى أنّ تلك المادة تعدّت إلى مفعولين وأُدخل حرف الجرّ على المفعول الثاني .

وأمّا إذا استعمل في المعنى الثاني أي فيما يكون وصفاً للشيء بلا علاقة له بشيء آخر فيكتفي بمفعول واحد ، قال سبحانه : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)[3] ، وقال سبحانه : (بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ)[4] ، وقال سبحانه : (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)[5] ، ففي جميع هذه الموارد يراد من التسوية كونها وصفاً للشيء بما هو هو ، وهو فيها كناية عن كمال الخلقة وأنّها بعيدة عن النقص والاعوجاج .

هذا هو مفهوم اللفظ لغةً ، وهلمّ معي ندرس الحديث وأنّه ينطبق على أيٍّ من المعنيين .

نلاحظ أنّه تعدّى إلى مفهوم واحد ، ولم يقترن بالباء ، فهو آية أنّ المراد هو المعنى الثاني ، وهو تسطيح القبر في مقابل تسنيمه ، وبسطه في مقابل اعوجاجه لا مساواته مع الأرض ، وإلاّ كان عليه ـ عليه السلام-


[1] الشعراء : 98 .
[2] النساء : 42 .
[3] الأعلى : 2 .
[4] القيامة : 4 .
[5] الحجر : 29 .

اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست