responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 51

الكلمة التالية : يكره أن يبنى القبر ببيت أو قبّة أو مسجد[1] ، أين الكراهة من الحرمة ، وأين هي من الشرك؟

وهذا النووي شارح صحيح مسلم يقول في شرح حديث أبي الهياج الّذي سيوافيك نصّه : أمّا البناء فإن كان في ملك الباني فمكروه وإن كان في مقبرة مسبلة فحرام ، نصّ عليه الشافعي والأصحاب[2] .

إنّ التحريم في الصورة الثانية لكونه مزاحماً للانتفاع ، وعلى خلاف أهداف الواقف وأغراضه ، وأين هو من البناء على أرض مشتراة أو مهداة أو موات; فلا تترتّب عليها تلك الحرمة .

دُفن النبيّ الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في بيته الرفيع ولم يخطر ببال أحد من الصحابة الحضور أنّ البناء على القبر حرام وأنّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ نهى عنه نهياً مؤكداً ، ولمّا كان البيت متعلّقاً بالسيدة عائشة جعلوا في وسطه ساتراً ، ولمّا توفّي الشيخان أوصيا بدفنهما في حجرة النبيّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ تبرّكاً بذاته ومكانه ، ولم تُسْمَع عن أيّ ابن أُنثى نعيرةُ أنّه حرام ولا مكروه ، وعلى ذلك استمرّت سيرة المسلمين في حقّ العلماء والأولياء ، يدفنونهم في البيوت المعدّة لذلك ، أو يرفعون لمراقدهم قواعد وسقفاً بعد الدفن ، تكريماً لهم وتقديراً لتضحياتهم ، ولم يخطر ببال أحد أنّه على خلاف الدين والشرع .

وهذا عمل المسلمين وسيرتهم القطعيّة في جميع الأقطار والأمصار ، على مرأى ومسمع الجميع وإنْ اختلفت نزعاتهم ، من بدء الإسلام إلى هذا العصر ، من الشيعة والسنّة ، وأيّ بلاد من بلاد الإسلام من مصر والعراق أو الحجاز أو سورية ، وتونس ومراكش وإيران ، وهلمّ جرّاً ، ليس فيها قبور مشيّدة ، وضرائح منجدة ، وهؤلاء أئمة المذاهب : الشافعي في مصر ، وأبو حنيفة في بغداد ، ومالك بالمدينة ، وتلك قبورهم من عصرهم إلى اليوم شاهقة القباب ، شامخة المباني ، غير أنّ الوهابيّين لمّا استولوا على المدينة هدموا قبر مالك .


[1] الفقه على المذاهب الأربعة 1 : 431 .
[2] صحيح مسلم بشرح النووي ج7، ص 42 شرح الحديث رقم 969 كتاب الجنائز ط مصر .

اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 51
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست