responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 22

ولكن تعال معي لنقف على بعض ما قاله جمال الدين القاسمي الدمشقي (1283-1332 هـ ) الذي كان يصوّر نفسه مصلحاً إسلاميّاً يسعى إلى توحيد كلمة المسلمين ولَمِّ شَعْثِهم ، ومن شروط من يتبنّى لنفسه ذلك المقام الرفيع أن ينظر إلى المسائل من منظار وسيع ، ويستقبل الخلاف بين المسلمين بسعة صدر ، ولكنّه ـ عفا الله عنه ـ يريد توحيد الكلمة في ظلّ الأُصول الّتي ورثها عن ابن تيمية ، فزاد في الطين بلّة ، ويشهد لذلك ما علّقه على عبارة ابن كثير .

قال ابن كثير بعد تفسير الآية : هل هم كانوا محمودين أم لا؟ فيه نظر; لأنّ النبيّ قال : «لعن الله اليهود والنصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد» يحذّر ما فعلوا .

وقال جمال الدين : وعجيب من تردّده في كونهم غير محمودين ، مع إيراده الحديث الصحيح بعده المسجّل بلعن فاعل ذلك ، والسبب في ذلك أنّ البناء على قبر النبيّ مَدعاة للإقبال عليه والتضرّع إليه ، ففيه فتح لباب الشرك ، وتوسّل إليه بأقرب وسيلة . . .[1] .

يلاحظ عليه : أنّ القرآن هو الحجّة الكبرى للمسلمين ، وفيه تبيان لكلّ شيء ، وهو المهيمن على الكتب ، فإذا دلّ القرآن على جوازه فما قيمة الخبر الواحد الّذي روي في هذا المجال إذا كان مضادّاً للوحي ، ومخالفاً لصريح الكتاب ، وإن كانت السنّة المحمديّة الواقعية لا تختلف عنه قيد شعرة ، إنّما الكلام في الرواية الّتي رواها زيد عن عمرو حتّى ينتهي إلى النبيّ ، فإنّ مثله خاضع للنقاش ، ومرفوض إذا خالف الكتاب ، لكن ما ذكره يعرب عن أنّ الأساس عنده هو الحديث لا الذكر الحكيم .

وكان عليه بعد تسليم دلالة القرآن أن يبحث في سند الحديث ودلالته ، وأنّ الحديث على فرض الصحّة ناظر إلى ما كان القبر مسجوداً له ، أو مسجوداً عليه أو قِبلة ، ومن المعلوم أنّ المسلمين لا يسجدون إلاّ لله ، ولا يسجدون إلاّ على ما صحّ السجود عليه ، ولا يستقبلون إلاّ القِبلة ، وسيتّضح نصّ محقّقي الحديث ، على أنّ المراد هو ذلك ، فانتظر .

وأعجب منه ما في ذيل كلامه : من أنّه رأى التوسّل بالنبيّ شركاً ، مع أنّ النصوص الصحيحة في الصحاح تدلّ على جوازه ، فقد توسّل الصحابي الضرير بالنبيّ الأكرم حسب تعليمه وقال : اللّهمّ إنّي


[1] محاسن التأويل 7 : 30-31 .

اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 22
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست