responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 21

إنّ المراد من الغالبين هم أهل السلطة ، ولا دليل على حجيّة فعلهم! ولكنّه عزب عن رأيه أنّ البيئة قد انقلبت عن الشرك إلى التوحيد ومن الكفر إلى الإسلام حسبما نقله الطبري ، وليس القائل ببناء المسجد على بابهم الملك ، وإنّما القائل هم الّذين توافدوا على باب الكهف عندما أعثرهم سبحانه على أحوالهم ، وطبع الحال يقتضي توافد الأكثرية الساحقة القاطنين في المدينة على باب الكهف لا خصوص الملك ، ولا وزراؤه ، بل الموحّدون بأجمعهم ، وهوفي هذه النسبة عيال على ابن كثير حيث قال : والظاهر أنّهم أصحاب النفوذ[1].

نحن نفترض أنّهم أصحاب النفوذ ، إلاّ أنّهم نظروا إلى الموضوع من خلال منظار دينهم ومقتضى مذهبهم لا مقتضى سلطتهم .

تقرير القرآن على صحّة كلا الاقتراحين

إنّ الذكر الحكيم يذكر كلا الاقتراحين من دون أيّ نقد ورد ، وليس صحيحاً قطعاً أن يذكر الله سبحانه عن هؤلاء الموجودين على باب الكهف أمراً باطلا من دون أيّة إشارة إلى بطلانه; إذ لو كان كذلك كأن يكون أمراً محرّماً أو مقدّمة للشرك والانحراف عن التوحيد ، لكان عليه أن لا يمرّ عليها بلا إشارة إلى ضلالهم وانحرافهم ، خصوصاً أنّ سياق الآية بصدد المدح ، وأنّ أهل البلد اتّفقوا على تكريم هؤلاء الّذين هجروا أوطانهم لأجل صيانة عقيدتهم ، غاية الأمر اختلفوا في كيفيّته ، فمن قائل ببناء البنيان إلى آخر قائل ببناء المسجد .

إنّ القرآن كتاب نزل لهداية الإنسان وتربية الأجيال ، والهدف من عرض حياة الأُمم ووقائعهم هو الاعتبار ، فلا ينقل شيئاً إلاّ فيه عبرة ، فلو كان الاقتراحان يمسّان كرامة التوحيد ، لِمَ سكت عنه؟!

وهذا ظاهر فيمن تدبّر في القرآن الكريم ، وسيوافيك بقيّة الكلام عند بيان النتيجة .


[1] ابن كثير ، التفسير 5 : 375 .

اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 21
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست