وقال إسماعيل حقي البروسوي : أن ترفع : بالبناء ، والتعظيم ورفع القدر[3] .
وقال حسن صدّيق خان : المراد من الرفع ، بناؤها (أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا) ورفع ابراهيم القواعد من البيت ، وترفع أي تعظّم وتطهر من الأنجاس عن اللغو ولها مجموع الأمرين[4] ، إلى غير ذلك من الكلمات المتشابهة ، ولا حاجة إلى ذكرها ، إنّما المهم بيان دلالة الآية وتحقيقها .
قد عرفت أنّ المراد من البيوت هو بيوت الأنبياء والعترة والصالحين من صحابة النبيّ الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، فالآية تأذن أن تُبنى هذه البيوت بناءً حسّياً وترفع من قدرها رفعاً معنوياً ، فهنا نستنتج من الآية أمرين :
1 ـ أنّ المراد من رفع البيوت ليس إنشاؤها; لأنّ المفروض أنّها بيوت مبنيّة ، بل المراد هو صيانتها عن الاندثار ، وذلك كرامة منه سبحانه لأصحاب هذه البيوت ، فقد ترك المسلمون الأوائل بيوتاً للرسول الأكرم والعترة الطاهرة وللصالحين من صحابته ، وحرستها الدول الإسلامية طيلة أربعة عشر قرناً ، فعلى المسلمين قاطبة والدول الإسلاميّة عامّة بذل السعي في صيانتها عملا بالآية المباركة ، والحيلولة دون تهديمها بحجّة توسعة المسجد النبوي أو المسجد الحرام .
ولكن من سوء الحظّ ، أو من تسامح الدول في ذلك المجال أن هُدّمت هذه البيوت ودمّرت بمعاول الوهابيين ، ومن هذه البيوت بيت الحسنين والصادقين ـ عليهم السلام ـ في محلّة بني هاشم ، فلا ترى لها أثراً ، كما لا ترى من بيت أبي أيوب الأنصاري مُضيِّف النبيّ الأكرم أثراً ، ومثلها مولد النبيّ في مكّة المكرّمة وغيرها .