اسم الکتاب : روية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 46
الأبصار فقد خرج عن حيطة الأشياء الخارجية وبطل الربط الوجودي الّذي هو مناط الإدراك والعلم بينه وبين مخلوقاته ، يدفعه قوله : (وَهُوَ يُدْرِكُ الاَْبْصَارَ) ثم تعليله بقوله : (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) و «اللطيف» هو الرقيق النافذ في الشيء و«الخبير» من له الخبرة الكاملة; فإذا كان تعالى محيطاً بكلّ شيء; لرقّته ونفوذه في الأشياء ، كان شاهداً على كلّ شيء ، لا يفقده ظاهر كلّ شيء وباطنه ، ومع ذلك فهو عالم بظواهر الأشياء وبواطنها من غير أن يشغله شيء عن شيء أو يحتجب عنه شيء بشيء .
وبعبارة أُخرى أن الأشياء في مقام التصوّر على أصناف :
1 ـ ما يَرى ويُرى كالإنسان .
2 ـ ما لا يَرى ولا يُرى كالأعراض النسبية مثل الأُبوّة والبنوّة .
3 ـ ما يُرى ولا يَرى كالجمادات .
4 ـ ما يَرى ولا يُرى وهذا القسم تفرّد به خالق جميع الموجودات بأنّه يَرى ولا يُرى ، والآية بصدد مدحه وثنائه بأنّه جمعَ بين الأمرين يَرى ولا يُرى لا بالشقّ الأوّل وحده نظير قوله سبحانه : (فَاطِرِ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ)[1] ودلالة الآية على أنّه سبحانه لا يُرى بالأبصار بمكان من الوضوح غير أن للرازي ومن لفّ لفّه تشكيكات نأتي بها مع تحليلها :
الشبهة الأُولى :
أنّ الآية في مقام المدح; فإذا كان الشيء في نفسه تمتنع رؤيته فلا يلزم من عدم رؤيته مدح وتعظيم للشيء ، أمّا إذا كان في نفسه جائز الرؤية ثم إنّه قدر على حَجب الأبصار عن رؤيته وعن إدراكه ، كانت هذه القدرة الكاملة دالّة على المدح