responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سيرة الأئمة عليهم السَّلام المؤلف : البيشوائي، مهدي    الجزء : 1  صفحة : 395

منذ القدم ـ في بلاطه ـ قائلاً:

وسبب ثالث يرجع إلى طبيعة الرشيد نفسه وتربيته، فيظهر لي انّه كان شاباًحادّ العاطفة، ولكن ليس من هذا النوع الذي يستسلم كلّ الاستسلام لشهواته، بل هو مع ذلك قوي النفس، جندي بالغريزة وبالتربية، طالما قاد الجيوش وشرّق وغرّب، هذه الحدة في العاطفة وقوة النفس ونضارة الشباب أظهرته بمظاهر مختلفة، يوعظ فيتأثر بالموعظة إلى أن يجهش بالبكاء، ويسمع الغناء فيطرب له كلّ الطرب، يسمع إبراهيم الموصلي يغنّي وبرصوما يزمر وزلزلاً يضرب بالدف، فيدعوه الطرب أن يتكلم بكلمة فيها شيء من عدم التورع الديني، يقول: يا آدم لو رأيت من يحضرني من ولدك اليوم لسرّك.[1]

نمت عنده العاطفة الدينية ونمت بجانبها أيضاً عاطفة الفنون، فهو يصلّي و يكثر من الصلاة، وهو يسمع الغناء فيستجيده، والشعر فيطرب له، تتجه عواطفه إلى جهات مختلفة فيصل فيها إلى نهايتها....

و يرضى عن البرامكة فيعجب بهم كلّ الإعجاب ويقرّبهم كلّ القرب، ثمّ يغضب عليهم ويستفز الحساد عواطفه عليهم فينكل بهم كلّ التنكيل.

ويعجبه الغناء فيقرّب إبراهيم الموصلي تقريبه للعلماء والقضاة ولا يسأل نفسه أي مجوّز شرعي يجعله ينفق من بيت مال المسلمين على المطربين وأمثالهم.

تعجبني جملة لصاحب الأغاني يصف بها الرشيد تمثّل خير تمثيل قوة عاطفته، إذ يقول: «كان الرشيد من أغزر الناس دموعاً في وقت الموعظة، وأشدهم عسفاً في وقت الغضب والغلظة» من أجل ذلك لاعجب أن تراه متديّناً شديد التديّن يصلّي في اليوم مائة ركعة، و ان تراه حيناً غضوباً يسفك الدم لشيء لا


[1]وقد نقل أحمد أمين هذه العبارة عن الاصفهاني ، الأغاني:5/241.

اسم الکتاب : سيرة الأئمة عليهم السَّلام المؤلف : البيشوائي، مهدي    الجزء : 1  صفحة : 395
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست