responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ابن تيمية فكراً ومنهجاً المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 525

فالقرآن إذن يدلّ على أنّ الولي ربما يكون غير معروف للناس
حتى الأنبياء منهم، ومع ذلك لا يعيش في غفلة عن الناس بل يتصرف
في مصالحهم ويرعى شؤونهم من دون أن يعرفوه. فعلى ضوء الكتاب الكريم، يصحّ لنا أن نقول بأنّ الوليّ إمّا أن يكون وليّاً حاضراً مشاهداً، أو غائباً محجوباً.

وإلى ذلك يشير الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)في كلامه لكميل بن زياد النخعي: «اللَّهُمَّ بَلَى! لاَ تَخْلُو الاَْرْضُ مِنْ قَائِم لِلّهِ بِحُجَّة، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، وَإِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَيِّنَاتُهُ. ».[1]

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه يمكن أن تحلّ المشكلة بوجوه:

الأوّل: إنّ عدم علمنا بفائدة وجوده في زمن غيبته، لا يدلّ على عدم كونه مفيداً في زمن غيبته، فالمستشكل جَعَلَ عدم العلم طريقاً إلى العلم بالعدم!! وكم لهذا الإشكال من نظائر في التشريع الإسلامي، فيقيم البسطاء عدم العلم بالفائدة، مقام العلم بعدمها، وهذا من أعظم الجهل في تحليل المسائل العلمية، ولا شكّ أنّ عقول البشر لا تصل إلى كثير من الأُمور المهمّة في عالم التكوين والتشريع، بل لا تفهم مصلحة كثير من سننه، وإن كان فعله سبحانه منزّهاً عن العبث، بعيداً عن اللغو.

ويأتي في إطار القضايا التي قد لا تُعرَف الفائدة منها، ولا تُدرَك المصلحة فيها، قصة رفع النبي عيسى(عليه السلام) إلى السماء، قال تعالى حكاية عن اليهود: ((وَقَوْلِهِمْ اِنّا قَتَلْنا الْمَسِيحَ عيسى ابنَ مَرْيَمَ رَسُولَ الله)) فردّ عليهم


[1] نهج البلاغة:3/186، قصار الحكم، برقم 147.
اسم الکتاب : ابن تيمية فكراً ومنهجاً المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 525
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست