responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 362

ونفاتها ولو أتينا بها لطال بنا المقام، فإنّ المثبتين يركّزون على أنّ الناظرة بمعنى الروَية كما أنّ نفاتها يفسرونها بمعنى الانتظار، مع أنّ تسليم كونه بمعنى الروَية غير موَثر في إثبات مدعيها كما سيظهر. والحق عدم دلالتها على جواز روَية اللّه بتاتاً وذلك لاَمرين.

الاَوّل: أنّه سبحانه استخدم كلمة («وجوه») لا «عيون» فقسّم الوجوه إلى قسمين «وجوه ناضرة» و «وجوه باسرة» ونسب النظر إلى الوجوه لا العيون، فلو كان المراد هو الروَية لكان المتعين استخدام العيون بدل الوجوه. والعجب أنّ المستدل غفل عن هذه النكتة التي تحدّد معنى الآية وتخرجه عن الاِبهام والتردد بين المعنيين وأنت لا تجد في الاَدب العربي القديم ولا الحديث مورداً، نسب فيه النظر إلى الوجوه وأُريدت منه الروَية بالعيون والاَبصار بل كلما أُريدت منه الروَية، نسب إليهما.

الثاني: لا نشك أنّ «الناظرة» قوله: («إلى ربّها ناظرة») بمعنى الرائية ونحن نوافق المثبتين بأنّ النظر إذا استعمل مع «إلى» يكون بمعنى الروَية، لكن الذي يجب أن نلفت إليه نظر المستدل هو أنّه ربّما يكون المعنى اللغوي ذريعة لتفهيم معنى كنائي يكون هو المقصود بالاَصالة لا المدلول اللغوي، فلو قلنا: زيد كثير الرماد، فلا شك أنّه مستعمل في معناه اللغوي ولكن كثرة الرماد مراد استعمالي لا جدي، وإنّما المراد الجدي ما اتّخذ المعنى الاستعمالي وسيلة لاِفهامه للمخاطب وهو جوده وسخاوَه وكثرة إطعامه، فإذا قال الرجل: زيد كثير الرماد، فليس علينا أن نصف القائل بأنّه أخبرنا عن كثرة الرماد في بيت زيد الذي يُعدّ أوساخاً ملوثة لبيته، فيكون قد ذمّه مكان مدحه، بل يجب علينا أن نصفه بأنّه أخبر عن جوده وسخائه، والعبرة في النسبة بالمعنى الجدي لا الاستعمالي وهذه هي القاعدة الكلية في تفسير كلمات الفصحاء والبلغاء.

هلمّ معي نستوضح مفاد الآية وأنّه ماذا أُريد منه استعمالاً، وماذا أُريد منه جدّياً؟ فلا يعلم ذلك إلاّ برفع إبهام الآية بمقابلها، نقول: إنّ هناك آيات ست

اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 362
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست