responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 329

مع الاَشياء معيّة قيومية لا معيّة مكانية، ومع الاِنسان أينما كان. فلا يكون من نجوى ثلاثة إلاّ هو رابعهم ولا خمسة إلاّ هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلاّ هو معهم أينما كانوا وذلك مقتضى كونه قيّوماً وما سواه قائماً به ولا يمكن للقيوم الغيبوبة عمّـا قام به، وفي النهاية هو محيط بكل شيء لا يحيطه شيء، فقد أحاط كرسيّه السماوات والاَرض، فالجميع محاط وهو محيط، ومن كان بهذه المنزلة لا تدركه الاَبصار الصغيرة الضعيفة ولا يقع في أُفقها ولكنّه لكونه محيطاً يدرك الاَبصار.

هذه صفاته سبحانه في القرآن ذكرناها على وجه الاِيجاز وأوردناها بلا تفسير. وقد علمت أنّ من سمات العقيدة الاِسلامية كونها عقيدة سهلة لا إبهام فيها ولا لغز فلو وجدنا شيئاً في السنّة أو غيرها ما يصطدم بهذه الصفات فيحكم عليه بالتأويل إن صحّ السند، أو بالضرب عرض الجدار إن لم يصح فمن تلا هذه الآيات وتدبّر فيها، يحكم بأنّه سبحانه فوق أن يقع في وهم الاِنسان وفكره ومجال بصره وعينه، وعند ذلك لو قيل له: إنّه جاء في الاَثر أنّكم سترون ربّكم يوم القيامة كما ترون هذا (البدر) لا تضامّون في روَيته [ 1 ].

يتلقّاه أمراً مناقضاً لما تلا من الآيات أو استمع إليها، ويحدث في نفسه ويقول: «الخالق البارىَ الذي هو ليس بجسم ولا جسماني، لا يحويه مكان، محيط بالسموات والاَرض كيف يُرى يوم القيامة كالبدر في جهة خاصة وناحية عالية مع أنّه كان ولا علو ولا جهة بل هو خالقهما، وأين هذه الروَية من وصفه سبحانه بأنّه لا يحويه مكان ولا يقع في جهة وهو محيط بكل شيء؟!.

ولا يكون التناقض بين الوصفين بأقل من التناقض الموجود في العقيدة النصرانية من أنّه سبحانه واحد وفي الوقت نفسه ثلاثة، وكلّما حاول القائل بالروَية



[1]البخاري: الصحيح: 4|200.

اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 329
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست