اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 319
فقال أبو قرة: فإنّا روينا: أنّ اللّه قسم الروَية والكلام بين نبيّين، فقسّم
لموسى ( عليه السلام ) الكلامَ، ولمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الروَية.
فقال أبو الحسن ( عليه السلام ): «فمن المبلِّغ عن اللّه إلى الثقلين الجنِّ
والاِنس إنَّهُ («لا تُدْرِكهُ الاَبْصارُ») ، (« لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلماً») و (« لَيسَ كَمِثْلِهِ شَـيءٌ»)
أليس محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟» قال: بلى.
قال أبو الحسن ( عليه السلام ): «فكيف يجيء رجل إلى الخلق جميعاً
فيخبرهم إنّه جاء من عند اللّه، وإنّه يدعوهم إلى اللّه بأمر اللّه، ويقول: إنَّهُ («لا
تُدركهُ الاَبصارُ») ، (« لا يحيطونَ بِهِ عِلماً») و («ليسَ كَمِثلهِ شيءٌ») ثم يقول: أنا رأيته
بعينيّ وأحطتُ به علماً وهو على صورة البشر، أمّا تستحيون؟ أمّا قدرت الزنادقة
أن ترميه بهذا: أن يكون أتى عن اللّه بأمر ثم يأتي بخلافه من وجه آخر».
فقال أبو قرة: إنّه يقول: («ولَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى») (النجم ـ 13) .
فقال أبو الحسن ( عليه السلام ): «إنّ بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى
حيث قال: («ما كَذَبَ الفُوَادُ ما رأى») (النجم ـ 11) يقول: ما كذب فوَاد محمد
( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأت عيناه فقال: («لَقَدْ رَأى
ِمْن آياتِ رَبِّهِ الكُبْرى») (النجم ـ 18) فآيات اللّه غير اللّه، وقال: («ولا يُحيطُونَ بِهِ
عِلماً») (طه ـ 110) فإذا رأته الاَبصار فقد أحاط به العلم ووقعت المعرفة».
فقال أبو قرة: فتكذب بالرواية؟
فقال أبو الحسن ( عليه السلام ): «إذا كانت الرواية مخالفة للقرآن كذّبتها،
وما أجمع المسلمون عليه إنّه لا يحاط به علماً، ولا تدركه الاَبصار، وليس كمثله
شيء» [ 1 ].