اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 253
بحجة الوداع».
وأخرج البخاري ومسلم: «أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اعتمر أربع عمر
كلّها في ذي القعدة إلاّ التي في حجته. أي فإنّه لم يوقعها في ذي القعدة، بل
أوقعها في ذي الحجّة تبعاً للحج.
ثم قـال: ولكن روى الدارقطـني ـ رحمه اللّه ـ : عنهـا أنّها ـ رضى اللّه
عنها ـ قـالت: «خرجت مع رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في عمرة في
رمضان فأفطر وصمتُ، وقصّر وأتممت» قال في الهدى: إنّه غلط عليها وهو
الاَظهر، فإنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما اعتمر في رمضان قط» [ 1 ].
وثالثا: الظاهر من هذا الحديث أنّ عائشة على الرغم من روَيتها لاِفطار
النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقصره في السفر صامت وأتمّت بلا حجّة بل
من بدع نفسها، ثم بعد ذلك أخبرت الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عمّا
صنعت فأقرّ عملها. وهنا تطرح أسئلة كثيرة، منها:
1 ـ لماذا خالفت عائشة عمل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ وهل هذا
كان منها اجتهاداً مخالفاً لعمل الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ولا يقال
بأنّها كانت تعلم الحكم الشرعي وهو جواز الاِتمام والصوم، لاَنّ ظاهر الحديث
يكذّب ذلك.
2 ـ قد روي عنها أنّها كانت تتم الصلاة في السفر وبرّر عملها بأنّها تأوّلت
كما تأوّل عثمان كما سيوافيك، ولو كان هذا الحديث صحيحاً وأنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أقرّ عملها، فأي حاجة لها إلى التساوَل والاجتهاد؟
ولعله لعدم وجود جواب صحيح لتلك الاَسئلة قال ابن القيّم: «سمعتُ
شيخ الاِسلام ابن تيمية يقول: هذا الحديث كذب على عائشة،ولم تكن عائشة
تصلّي بخلاف صلاة رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسائر الصحابة،
وهي تشاهدهم يقصرون ثم تتم هي وحدها بلا موجب. كيف وهي القائلة: «فرضت الصلاة ركعتين فزيد في
[1]علي بن برهان الدين الحلبي: السيرة الحلبية: 3|340 و 341.
اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 253