الأوّل: انّ صيغة «وما كنّا » أو «وما كان» تستعمل في إحدى معنيين: إمّا نفي الشأن والصلاحية لقوله تعالى: (وَما كانَ اللّه ليضيعَ إِيمانكُمْ إِنَّ اللّه بِالنّاسِ لَرؤوف رَحيم)[ 2 ] ، أو نفي الإمكان كقوله تعالى: (وَما كانَ لِنَفْس أَنْ تَموتَ إِلاّ بِإِذْنِ اللّه كِتاباً مُؤْجلاً) .[ 3 ]
الثاني: انّ بعث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كناية عن إتمام الحجّة على الناس، وبما انّ الرسول أفضل واسطة للبيان والإبلاغ أُنيط التعذيب بالرسول، وإلاّيصحّ العقاب ببعث غيره أيضاً لوحدة المناط وحصول الغاية المنشودة.
وعلى ضوء ذلك: فلو لم يبعث الرسول بتاتاً، أو بعث ولم يتوفق لبيان الأحكام أبداً، أو توفق لبيان البعض دون البعض الآخر، أو توفق للجميع لكن حالت الحواجز بينه و بين بعض الناس، لقبح العقاب إلاّ من وصل إليه التكليف، وذلك لاشتراك جميع الصور في عدم تمامية الحجة.
والمكلف الشاك في حكم من الأحكام كالحرمة والوجوب من مصاديق القسم الأخير، فإذا لم يصل إليه البيان لا بالعنوان الأوّلي ولا بالعنوان الثانوي كإيجاب الاحتياط، ينطبق عليه قوله سبحانه: (وَما كُنّا مُعذّبين حَتّى نَبْعَث رَسُولاً) أي نُبيّن الحكم والوظيفة.