و به يشعر قوله تعالى ليلة المعراج خطاباً لحبيبه صلى الله عليه و آله و سلم:
و ما يتقرب اليّ عبد من عبادى بشيء أحبّ اليّ ممّا افترضتُ عليه و إنّه ليتقرّب اليّ بالنافلة حتى أحبّه، فإذا أحببته كنت اذاً سمعه الذى يسمع به، و بصره الذى يبصر به، و لسانه الذى ينطق به، و يده التى يبطش بها، إن سألنى أعطيته. [2]
فبقرب النوافل يكون الباري تعالى سمعاً و بصراً و يداً للعبد و أمّا بقرب الفرائض فيكون العبد اذن اللَّه، عين اللَّه، حجّة اللَّه و هذان البابان للتقرّب مفتوحان لكلّ سالك على الطريق.
و كذا قوله صلى الله عليه و آله و سلم: «اتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور اللَّه». [3]
و يرد عليه:
إنّ التقوى و إقامة الفرائض و كذا النوافل- حدوثاً و بقاءً- لا تتحقّق بالدرجة الكاملة التامّة إلّا لدى المطهَّر من الذنوب و من الرجس، أي لدى صاحب العصمة العلمية و العصمة العملية؛ فإنّ من أكبر الفرائض هو الإيمان باللَّه و اليوم الآخر و بالأنبياء و الرسل و الأوصياء و الحجج. و الإيمان باللَّه مقوّم بمعرفته، فمِن دون المعرفة الكاملة و التامّة لا يتمّ الإيمان الكامل و لا يتمّ أداء الفريضة كما هو حقّ الأداء إلّا بالعصمة العلمية و بانتفاء الشك و الريب- الذي هو الرجس الأكبر- عن القلب و كذلك مقام الخلوص و الإخلاص، مع أنه قال تعالى: «وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ