أهمية الأداة التاريخية في واقعة عاشوراء

هناك إثارة وجدلية حول مستندات ومصادر الثورة الحسينية، هل هذه المصادر والمراجع يجب أن ندرسها ونقيمها بنحو الأداة والآلة الفقهية؟، وموازين بحث العقيدة في علم الكلام، نظرا لما يتضمنه مشهد كربلاء من أفعال وأقوال المعصوم عليه السلام، وبالتالي فإن تقييم ورصد أي موقف من مواقف سيد الشهداء عليه السلام يحتاج لمستند شرعي وحجية شرعية، فهناك كما مرَّ بنا منحى يحاول أن يؤطر أو يضيق مصادر الشعائر الحسينية من خلال قالب وميزان فقهي، أو من خلال أدوات علم الكلام، بذريعة أن هذه الشعائر تتصل بخامس أصحاب الكساء (ع)، ومن أمرنا أن نتمسك بهم من العترة، وبالتالي فهي السيرة الشرعية، والواقع أن هذا المنحى لو جمدنا عليه سوف يقلص المصادر التي يمكن أن نستند إليها في واقعة عاشوراء، وما سبقها وما لحقها من أحداث، وبعبارة أخرى فإن هذا الرأي يرى أنه لا يمكن أن نتعاطى مع أحداث عاشورء بالأدوات والموازين والمواد التاريخية، بل لا بد أن نتعاطى معها وكأنها مصدر من مصادر الشريعة.

رفض الأداة التاريخية في دراسة عاشوراء

لا ريب أن موقف سيد الشهداء (ع) وسيرته وأقواله ومواقفه وإمضاءاته وتقريراته هي حجة شرعية، وقد قلنا بالأمس أن هذا لا يقتصر على سيد الشهداء (ع)، بل يعم سيرة سيد الأنبياء (ص)، وسيرة بقية الأئمة (ع)، وكذلك سيرة الأنبياء جميعاً، و ييطبق هذا الكلام على الكتب السماوية حيث إن الكتب السماوية لها طابعان طابع وحياني (من الوحي) وطابع تاريخي، وهناك من يتخذ موقفا معاكساً تجاه القرآن الكريم ويتعاطى معه تعاطي الحدث التاريخي، ويلون القرآن باللون التاريخي، ويتعامل مع القرآن بأدوات البحث التاريخي، وبطريقة استنتاج تاريخية، وأصحاب هذا الرأي هم أنفسهم يتعاملون مع حادثة كربلاء تعاملٌ ظاهرهُ علميٌ، ولا يتعاملون مع مسيرة الحسين (ع) من بدايتها إلى نهايتها إلا بأدوات فقهية وكلامية، بحجة أن المواقف التي نرسمها للأجيال تستند إلى المعصوم، وهذا الإستناد يجب أن يعتمد على الأداة الشرعية، هذا هو ملخص هذه الفكرة التي يروج لها في هذا الزمان في التعاطي مع بحث الشعائر الدينية، أو فقه الشعائر الحسينية في فصل من الفصول المهمة من هذه الشعائر ألا وهو فصل المراجع والمصادر التاريخية للشعائر الحسينية.